من بين 18 اتحاداً يحق لها المنافسة في أولمبياد لندن تمثلت اللجنة الأولمبية السعودية بخمسة اتحادات فيها، وقد خرجت جميعها تجرجر أذيال الخيبة إلا اتحاد الفروسية الذي نجح في حصد ميدالية برونزية يتيمة، وهي الميدالية التي رسمت ملامح ابتسامة على الوجه السعودي الذي ظل عابساً طوال أيام البطولة، وهو يرى اتحادات بلاده تتساقط بسهولة كأوراق شجرة يابسة في فصل الخريف، فيما يلمح اللاعبين يقذف بهم الواحد تلو الآخر خارج المنافسة كما تقذف بيادق لاعب بليد من على رقعة شطرنج. هذا الحضور المخجل كان متوقعاً على الأقل من جهة من كانوا يتابعون مسار اللجنة الأولمبية واتحاداتها الفردية منها والجماعية خلال العامين الماضيين؛ سواء من خلال المشاركة في أسياد غوانزو، أو في الدورتين الخليجية والعربية في المنامة والدوحة، إذ لا شيء في تلك المشاركات كان محفزاً على التفاؤل، وزاد من مساحة الإحباط انكشاف حال (الصقر الأولمبي) الذي أدركنا بعد حفاوة به أنه لم يكن سوى صقر من ورق، وهو ما عزز لدينا الاعتقاد الجازم بأن حضورنا في لندن لن يكون إلا حضوراً سياحياً لا أكثر من ذلك. حتى برونزية الفروسية التي احتفينا بها لم تكن للجنة الأولمبية فيها يد، فصندوق الفروسية الذي يقوم على دعمه خادم الحرمين الشريفين شخصياً، كان خلف انجاز الفرسان، وهو الصندوق الذي ضخ نحو 40 مليون يورو، ما يعادل 200 مليون ريال سعودي، وهو الرقم الذي يكشف عن حقائق كثيرة منها أن المال هو الرافد الأول للإنجاز، والذي من خلاله يمكن صناعة أبطال عالميين، إذا ما تم تتويجه بفكر قادر على بلورته لمنجز؛ كما ويكشف أيضاً عن حقيقة أن ما يصرفه صندوق الفروسية على لعبة واحدة، يفوق ما تصرفه رعاية الشباب على الاتحادات الرياضية السعودية مجتمعة بما يوازي الضعف. إخفاق رياضتنا في لندن وإن كان متوقعاً؛ لكنه كان محبطاً لنا كسعوديين؛ خصوصاً ونحن نشاهد دولاً فقيرة، وأخرى صغيرة بمساحتها وسكانها، ودولاً غيرها لا تكاد تعرف حتى بأسمائها تبدع وتنجز؛ لكنه لم يشكل لنا صدمة أو حتى مفاجأة؛ لأننا بتنا والإخفاقات أصدقاء أعزاء، لكن المؤلم أن كل تلك الإخفاقات دائماً ما تقيد ضد مجهول، فلا أحد في اللجنة الأولمبية يخرج ليقول ولو بشكل موارب عن وجود تقصير في العمل، ولا رئيسا من كل رؤساء الاتحادات يبادر بالاعتراف بالفشل. لنتابع كل التصريحات التي خرجت والتي ستخرج في أعقاب المونديال لن نجد من بينها تصريحاً واحداً يتحدث عن مسببات الإخفاق، ولا المتسببين فيه، بل لن نجد من يعترف أصلاً بحدوث إخفاق، وإنما سنسمع ونقرأ تصريحات معلبة بالوعود المستقبلية، ومغلفة بالآمال الطموحة، وهي من نوعية التصريحات التي حفظنا مفرداتها عن ظهر قلب، حتى صارت محل تندر لفرط استهلاكها، وسيأتي التشكيل الجديد للجنة الأولمبية، وسيتبعه تشكيل الاتحادات الرياضية، وسندخل بطولة وسنغادر أخرى، وستتعزز صداقتنا مع الإخفاقات عاماً بعد آخر؛ لأننا سنكتشف من جديد أن اتحاداتنا الجديدة ليست سوى "جح يدربي قرع"!