يقال في المثل: "الكتاب يقرأ من عنوانه"، وهذا تماماً ما ينطبق على برنامج الصقر الأولمبي الذي يبدو أنه غير قادر على إخراج الاتحادات السعودية من مربع الإخفاقات، وهي التي ما تكاد تشارك في بطولة أو دورة إقليمية أو قارية، ولا أقول عالمية إلا وتعود منها تجرجر أذيال الخيبة، كما يحدث الآن في مشاركاتها في الدورة الخليجية التي تتذيل فيها ترتيب المنتخبات. ما حدث في البحرين وإن شكل صدمة للبعض، لكنه لم يكن كذلك للعارفين ببواطن الأمور، فتهاوي الاتحادات السعودية الواحد تلو الآخر بما فيها الاتحاد السعودي لألعاب القوى الذي ظل لسنوات البقرة الحلوب للرياضة السعودية كان متوقعاً، بل ما ليس متوقعاً هو أن تظهر المشاركة السعودية بغير تلك الصورة الممسوخة. لقد حذرنا مراراً وتكراراً من حالة الركون لسياسة الأمر الواقع التي تعيشها اللجنة الأولمبية السعودية، والتي أراها هي مصدر الأزمة التي تعيشها رياضتنا، أوليست هي المعنية الأولى عن الإشراف والمتابعة، كما وحذرنا من القبول بسياسة الضحك على الذقون التي تمارسها الاتحادات عند كل إخفاق، فتارة يتم التحجج بالميزانيات، وأخرى بالإعداد للمستقبل، وثالثة بظروف في أغلبها لا تعدو مجرد أعذار معلبة، فيما الحقيقة أن فاقد الشيء لا يعطيه. هذه الاتحادات جميعها تشكلت في العام 2008، وبعضها موجودة برؤسائها أو بعض أعضائها قبل ذلك، ومنذ ذلك العام وحتى اليوم وغالبيتها لا تخرج من إخفاق إلا لتقع في آخر، فمن الفشل في التأهل إلى أولمبياد بكين مع بعضها، إلى الفشل في تحقيق أية ميدالية فيه مع البعض الآخر، إلى الحضور المخيب في آسياد غوانزو، إلى النكوص حتى في بطولات إقليمية خليجية وعربية؛ فضلاً عن البطولات القارية. حدث كل ذلك ولم نرَ أي تحرك من اللجنة الأولمبية لتصحيح الأوضاع حتى برنامج الصقر الأولمبي الذي دشنته لدعم الاتحادات في تحضيراتها للوصول والانجاز في أولمبياد لندن لا يبدو حتى اللحظة يحقق مبتغاه، بل أراه لا يعدو حبراً على ورق، ولذلك فلا يتوقع أن ينتج شيئاً غير المزيد من الفشل، فمن لم يقدر على منازلة منتخبات الخليج في دورة إقليمية، فبديهي أنه لن يقوى حتى على رفع رأسه في الاستحقاقات الأكبر. المشكلة الكبرى التي تعانيها الرياضات المختلفة بالإضافة إلى ضعف الميزانيات، والقصور في جوانب لوجستية مهمة، هو إشراف غير المتخصصين بل حتى غير المثقفين رياضياً عليها، وخصوصاً بين كوادر الصف الأول للطاقم الإداري في اللجنة الأولمبية، وكذلك في الأطقم الإدارية في بعض الاتحادات، وأعني تحديداً مجالس الإدارات فيها. الأمر يزداد سوءاً بما أفرزته الانتخابات الماضية التي غذت الاتحادات بكثير من الأعضاء الذين لم يضيفوا شيئاً لها في حين أضافوا من خلالها مناصب جديدة إلى مناصبهم. حلقات مشكلة الرياضة السعودية تتواصل لتمتد إلى غياب الإعلام الرياضي المثقف، فإعلامنا لا يرى غير كرة القدم، وحين يرى الألعاب الأخرى فلا يراها إلا حين الإخفاق، لتأتي ردود الفعل سطحية من باب نحن هنا فقط، وسيبقى الحال على ما هو عليه. ليس في أولمبياد لندن العام المقبل بل حتى في أولمبياد ريو ودي جانيرو 2016 طالما أن لجنتنا الأولمبية تواصل الغط في سباتها العميق.