نعم، أين تلك المحكمة ولماذا هي صامتة حتى الآن تجاه ما يجري في سوريا؟ وهي المختصة بجرائم الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء؟ المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة دعت مجلس الأمن لإحالة القضية السورية إلى محكمة الجنايات الدولية لاعتقادها بوجود أدلة على ارتكاب جرائم ضد الانسانية، لكنها تعتقد أيضاً ان الطرفين (الحكومة والمعارضة) تصرفا بطريقة أضرت بالمدنيين ولكنها تنسى ان المعارضة بدأت سلمية وأن نظام الأسد هو الذي بدأ العنف والاعتقالات والتنكيل وقتل الأبرياء. منظمة العفو الدولية دعت إلى سرعة إنهاء الهجمات المتزايدة على المدنيين في سوريا واتهمت القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها بارتكاب هذه الهجمات. هذه المنظمة أعدت تقريراً بعنوان (الانتقامات المميتة) تؤكد فيه وجود أدلة على انتشار الانتهاكات المنهجية بما في ذلك الجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب التي ترتكب كجزء من سياسة الدولة في الانتقام من الجاليات التي يشتبه في دعمها للمعارضة، ويشير التقرير إلى أن المنظمة زارت (23) بلدة وقرية في محافظات حلب وادلب وأن عائلات ثكلى اعتقلت الحكومة أقاربهم صغاراً وكباراً وأطفالاً واقتادتهم بعيداً وقتلتهم رمياً بالرصاص وأحرقت جثثهم كما قام الشبيحة بإحراق منازلهم وممتلكاتهم وإطلاق النار بشكل عشوائي على المناطق السكنية مما أسفر عن مقتل وإصابة مدنيين من المارة واعتقال الكثير بما في ذلك المرضى وكبار السن وتعذيبهم حتى الموت في بعض الحالات. وتقول دونا تيلاروفيرا كبيرة مستشاري شؤون الأزمات في منظمة العفو الدولية إنها أمضت أسابيع في الآونة الأخيرة في التحقيق بانتهاكات حقوق الانسان في شمال سوريا وفي كل مكان ذهبت إليه التقت سكاناً مذهولين من صمت العالم لما يحدث لهم. تلك صورة مأساوية واقعية ينقلها محايدون عن نظام يزعم أنه يتعرض لمؤامرة لأنه زعيم الممانعة والمقاومة وهو لم يطلق النار لتحرير أرضه المحتلة وإنما لقتل أبنائه المطالبين بحقوقهم المشروعة. بعد كل ذلك القتل والتدمير والاعتقال والتعذيب والتشريد والمجازر هل يكفي أن يخرج الرئيس السوري إلى ملاذ آمن دون عقاب؟ ولماذا لا تعلن محكمة الجنايات الدولية ويطلب من الجامعة العربية أن الرئيس السوري هو المطلوب رقم (1) في العالم وتسعى للقبض عليه وتقديمه للعدالة؟