لا مانع أن تتلقى النصيحة من أي شخص -حتى وإن كنت تثق تماماً أنك أدرى ببواطن الأمر من الناصح-، طالما قيلت لك بأسلوب متزن ورويّة، وليس شرطاً أن تعمل بها إن كنت مقتنعاً بصحة ما تفعله، لكن ما لا يمكن تقبله هو انتهاج البعض مفهوماً خاطئاً في النصيحة، عندما تكون على طريقة "وصاية" و"أمر" و"لا" تفعل كذا، واجتنب هذا، دون إقامة أي اعتبار لعقل الآخر، ولا لآرائه التي بَنى عليها تصرفاته وفق ما تعلم في حياته هو الآخر. أياً كان الناصح والمنصوح -في أي أمر لا يمس الثوابت-، فإن فرض أمر على فرد أو فئة لا يمكن بأي حال أن يُفضي إلى نقطة تفاهم، بل إنها أقرب إلى حدوث تنافر بين الطرفين، في حين تزداد أهمية النصيحة إذا أتت من خلال طرح وجهة نظر دون تقليل من رأي الآخر المتجسد بتصرفه في موضوع ما، إلى جانب عدم إملاء الناصح لغيره بضرورة تنفيذ كلامه، من خلال إيضاح نهاية السلوكيات المختلف عليها بين وجهات النظر المختلفة. ويزيد الأمر سوءاً ظن البعض أنه "مصلح الكون" عندما يعتقدون أن عدم تنفيذ خططهم وآرائهم فداحة لا يمكن أن تغتفر، وقد يصل الإحتقان لدى أولئك إلى أن تنتفخ أوداجهم غضباً وتأسفاً بسبب يقينهم أن الآخر مخطئ إذا لم يطبق نصائح تريد فرض قناعاتها على الآخرين تحت شعار "إذا لم تعمل بنصيحتي فأنت ضدي"!.