لم تكن مفاجئة دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - لقادة دول العالم الإسلامي في هذه الظروف إلى عقد قمة إسلامية استثنائية في مكةالمكرمة في 26 - 27 من شهر رمضان المبارك حيث عودنا مقامه السامي الكريم دائماً على مبادراته وحرصه على التضامن الإسلامي، وسبق وأن المملكة دعت لعدة قمم استثنائية إسلامية عقدت في مكةالمكرمة، بل إن أول قمة إسلامية عقدت في التاريخ الإسلامي كانت بدعوة من جلالة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - عام 1926م فالمملكة اعتمدت الإسلام عقيدة ومنهجاً فكان البعد الإسلامي ركناً أساسياً في السياسة السعودية. والقيادة الحكيمة للمملكة تدرك بحسها الديني العميق ومسؤوليتها القيادية في العالم الإسلامي أمام الله ثم أمام التاريخ كدولة شرفها الله أن تكون حامية وخادمة للحرمين الشريفين فأطلق الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - عام 1406ه على نفسه لقب خادم الحرمين الشريفين، فالمملكة قبلة المسلمين في كافة أنحاء المعمورة حيث لا توجد دولة في العالم إلا ويتواجد فيها مسلمون - كثر أو قل عددهم - تتجه أفئدتهم وأرواحهم بشغف وحنين شديدين إلى الأماكن المقدسة لزيارة المملكة لتحقيق أكبر أحلامهم من حج أو عمرة. لذلك تحرص القيادة السعودية دائماً على الدعوة إلى التضامن الإسلامي والاهتمام بكل حماس وإصرار على تأسيسه واحتضانه حكومياً ورسمياً في اطار منظمة المؤتمر الإسلامي سابقاً، ومنظمة التعاون الإسلامي حالياً في مدينة جدة لتكون منظمة إقليمية تجمع كافة حكومات الدول الإسلامية كأعضاء وكذلك تضم حكومات الدول التي لديها أقليات إسلامية كمراقبين؛ حيث تعقَد قمم واجتماعات دورية واستثنائية بين أعضائها لدراسة القضايا والمشاكل التي تواجه العالم الإسلامي، وكان لهذه المنظمة الدور الكبير لحل أو التقريب لحل تلك المشاكل، والمساعدة أيضاً في إنشاء منظمات متفرعة عن منظمة التعاون الإسلامي مثل البنك الإسلامي للتنمية، أو وكالة الأنباء الإسلامية ومجمع الفقه الإسلامي، ومنظمة مالكي البواخر الإسلامية، وكذلك حرصت القيادة السعودية على تأسيس رابطة العالم الإسلامي كمنظمة إقليمية تجمع الشعوب الإسلامية لتكون قاعدة إسلامية لهم لدراسة القضايا التي تواجه تلك الشعوب. إن دعوة القيادة الرشيدة لهذه القمة الإسلامية الاستثنائية في مكةالمكرمة التي انطلقت منها دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم وفي شهر رمضان المبارك وفي العشر الأواخر من هذا الشهر الكريم لها أهداف نبيلة كبيرة أبرزها تذكير الحكومات الإسلامية بعظم الأمانة والمسؤوليات الدينية والتاريخية الملقاة على كواهلهم، وأن عليهم الحرص على التضامن والتكاتف فيما بينهم ونبذ الفتنة والبغضاء انطلاقاً من قوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان). السياسة السعودية كانت دائماً في خدمة الإسلام والمسلمين ولم يكن الإسلام أبداً وسيلة لخدمة السياسة السعودية، فالمملكة ضحت بالكثير في سبيل خدمة الإسلام والمسلمين بل إن التمثيل الدبلوماسي الذي يقام من قبل دول العالم على المصالح الخاصة لكل دولة فإن المملكة العربية السعودية تكاد أن تكون الدولة الوحيدة في العالم التي تقيم علاقاتها الدبلوماسية على خدمة الإسلام والمسلمين أولاً،ثم مصالحها ثانياً. ولا يفوتني في هذا المجال إلا أن نتذكر الجهود العظيمة التي بذلها الملك فيصل - رحمه الله - في سبيل التضامن الإسلامي والتي أثمرت عن تأسيس منظمة التعاون الإسلامي في جدة، ورابطة العالم الإسلامي في مكةالمكرمة. نسأل الله النجاح لهذا المؤتمر والذي وفرت له القيادة الحكيمة كل الأسباب لنجاحه إن شاء الله لما فيه خير الدول والشعوب الإسلامية. * سفير خادم الحرمين الشريفين في البحرين