الكلمة الحلوة تذيب جبال الجليد المتراكم فوق شواطئ الحياة الزوجية، وتدغدغ المشاعر الحالمة، وتسمح لخيال السعادة أن يمتد فوق الأفق البعيد؛ فيعانق زرقة السماء، ويلامس أجنحة الأماني الساكنة وراء الغيمات، ويسمح للكلمات الرقيقة أن تغفو للحظات فوق شواطئ الرومانسية.. فتهدأ كل لحظات الخوف والتعب من ماض هزته مطبات الحياة بين زوجين؛ ربما عاشوا عواصف المشاكل وتبعاتها فذبلت مشاعرهم، وجفت وسقطت فوق تجاعيد زهورها دمعة حاولت أن تتماسك ولكنها سقطت؛ لتحدث صدى ميلاد حزين لحياة جافة مثلجة رغم أنها في ربيع الحياة. تصوم بعض شفاه المتزوجين عن الكلمات الأنيقة في مناسبات الحياة؛ كأن يثني الرجل على أناقة زوجته وبراعتها في تجهيز قالب الجاتوة أو المشروب المثلج - الذي قدمته بطريقة مبتكرة له اثناء متابعته لبرنامجه المفضل، وقد تموت مشاعر الكلمات فوق شفاه أنثي غفلت عن التعبير عن مشاعرها لزوجها الذي يحاول إسعادها بشكل أو بآخر أو للتعبير عن غضبها منه؛ بسبب عدم تحقيق رغبتها في الذهاب مع صديقاتها أو لخلاف مازال رماده الأبيض مشتعلا بهدوء. السؤال الحائر بين سطورنا هو لماذا تصوم الشفاه لزمن طويل عن معانقة الكلمات الجميلة، رغم أن مرورها لا يحتاج لأكثر من تحريك الشفاه برقة لكلمات صادقة غادرت حدود قلبك إلى حدود القلب الآخر والقريب جداً إليك؟. فراغ عاطفي تعاني «فاتن الدخيل» من جفاف مشاعرها طوال فصول العام، ولم تنعش نبضات قلبها الذي بدأت تشعر بشيخوخته قطرات المطر التي تجف سريعاً في داخلها؛ لأنها قطرات لمشاهد رومانسية تتابعها عبر «شاشة البلازما» المعلقة على جدار غرفتها، حيث تحرص على تسجيلها والاحتفاظ بها حتى تعيد مشاهدتها كلما حنت لاهتمام زوجها - الذي تصفه برجل الثلج لبرودة مشاعره وجفافه. وقالت: «أحتاج كثيراً للحنان وللرقة، وذلك كلما صادفت رجلاً يعتني بزوجته في عيادة، أو عندما يراقبها بنظراتها الحانية في مكان عام، أو عندما يربت بيديه برفق عليها عندما تغرق عيناها بالدموع»، مستركة: «عندها أتذكر صورة زوجي الذي أعيش معه داخل دوامة من الفراغ العاطفي منذ سنوات زواجنا الطويلة؛ فهو يعتبر الكلمات الرومانسية دلع ودلال يفسد المرأة، ويقلل من رجولته، فمجتمعه الذكوري الذي يسخر من رومانسية الرجل ويعتبرها النهاية الحقيقة لوجوده فوق سطح الأرض». تجاهل المرأة ويتعجب الأستاذ «لؤي خياط» من الأزواج الذين يهملون العناية بمشاعر زوجاتهم ويتجاهلون المناسبات السعيدة فيما بينهم وتقديم الهدايا الرقيقة التي تساهم في تقريب مشاعرهم إلى درجة الانصهار، خاصة في شهر رمضان الذي يجب أن يكون سببا في نسيان المشاكل، واعتباره مساحة شاسعة للتسامح واستغلاله في التودد والثناء، مؤكداً أن ذلك مسؤولية مشتركة بين الأزواج، ولا يجب أن ينتظر أحدهما مبادرة الآخر ليبدأ بعذب الكلام. الفراغ العاطفي بين الزوجين ينتهي إلى الفراق الحوار الأسري وقالت «د. نورة العجلان» - مهتمة بالشأن الاجتماعي- إن غياب الحوار بين الأزواج سبب لفتور العلاقة الذي يتسبب في غياب الكلام الحلو بينهما، مشيرة إلى أن وجود الحوار بين الأفراد مهم في حياة الصغار والكبار، والمشكلة عندما تبدأ لا تنتهي إلاّ بالحوار، والملفات لا تغلق إلاّ بالحوار والمشاركة من الجميع فيها، متمنية أن تنظر كل أُسرة في حالها إذا كانت تفتقد للحوار، وأهمية تأهيلها باجتماع الأسرة وتحديد مشكلتهم المتمثلة في عدم المشاركة في حل المشاكل الأسرية. ودعت «نادية التميمي» - استشارية الأسرة - إلى ضرورة اختيار الكلمات الملائمة التي يجب أن تكون محببة لنفسية الطرف الآخر. وقالت: «أحياناً ننسي أن نقدم بعض التعليقات الجميلة للأشخاص المقربين منا، بينما لا ننسي ونجتهد في إيجاد الكلمات التي تعبر عن عدم الاستحسان منهم، وفي شهر رمضان شهر المحبة والتواصل فرصة لأن نتدرب على الكلمات الجميلة؛ لإرضاء المحيطين بنا من أزواج ومقربين». لوم الرجال! وترى «د. ناديا النصير» - مستشارة نفسية وتربوية - أن معظم شكوى الأزواج تدور في فلك الهجر العاطفي؛ فالكلام الحلو غائب من قبل رمضان، ولم يعد الرجال يبدون ملاطفتهم لزوجاتهم، ويتحججون من ضغوط الحياة؛ فالرجل اليوم لم يعد ذلك الذي (يطبطب بحنية) على كتف زوجته، أو تقبيلها على وجنتيها أمام ابنائهم، وغابت كل مظاهر الحب من أمام أعينهم؛ فلم يعد يشاهدوا والديهم يثنون بكلمات لطيفة بينهم؛ ما يؤثر سلباً في مشاعرهم مستقبلاً. وقالت: «ألوم رجال اليوم الذين وضعوا العاطفة جانباً»، مشيرة إلى أن بعض الرجال يعتقدون أن توفير السائق والخادمة والسفر تعبير عن الحب، وأنها يجب أن تكتفي بذلك، متناسين أن عاطفة المرأة بحاجة إلى طاقة تشعرها بالاهتمام والإنتاجية والإحساس بأنوثتها وأنها مازالت تلك المرأة الجميلة التي أحبها.