الزواج حلم الفتيات كما الشبان، ومن أجله يتكلف الشاب كثيرا من المال لتحقيقه، فالبعض - كما يقال - «يجمع ريال على ريال» من أجل زوجة تسعده وتجمعهما المودة والرحمة والذرية، وما إن يتقدم الشاب لأهل الفتاة طالباً يد ابنتهم حتى يدخل في موجة من التساؤلات، هل تقبل؟ أم ترفض؟، ثم يتفاجأ بشروط بعض الفتيات (وليس الجميع)، وهذه الشروط ينظر لها البعض أنّها سبب رئيس في ارتفاع نسبة العنوسة بالمجتمع، في حين أنّ للفتيات رأي آخر. وفتاة اليوم تريد منزلاً مستقلاً عن أسرة الزوج (أهم شرط)، وإكمال دراستها، والسماح لها بالعمل، إلى جانب السفر لقضاء شهر العسل، وحفل زواج بمبلغ وقدره، وهدايا خاصة، ومهر وذهب وألماس.. و»الحسّابة بتحسب»، والشاب ليس لديه حيلة سوى الانصياع أو الرفض، لكن المشكلة إذا تعلّق القلب بها! «الرياض» تطرح الموضوع وتناقشه مع الفتيات والمختصين، فكان هذا التحقيق. طموح دراسي بداية ذكرت «أمينة» أنه تقدم لها أكثر من شخص، ولم يكن من بينهم الشخص الذي تراه مناسباً لها، ولا حتى قريبٌ من تفكيرها، لذلك لم تكن لديها الشجاعة الكاملة لتحمل مسؤولية الارتباط، والابتعاد عن حريتها الشخصية التي تتمتع بها داخل المنزل، إذ تنام في الوقت الذي تحب وتستيقظ متى ما أرادت، وتؤدي واجباتها ضمن الحدود المتاحة، مضيفةً: «أنا لدي طموحي الدراسي، وأن أُكمل الدراسات العليا، وأنا مؤمنة أنّ الزوج الذي أختاره لي الله سوف يأتي يوماً ما، لذلك أنا لست مستعجلة، وليس من الضروري أن أتزوج في سن العشرين». ملامح معينة وأشارت «فدوى» - موظفة - إلى أنّها رفضت العديد ممن تقدموا لها من شباب الأسرة، وذلك لأنّها لم تجد الشخص الذي كان يسكن مخيلتها، مبينةً أنّها تريد شاباً لطيفاً أنيقاً، لديه دخل ثابت يمكنه من تغطيه مصاريف الحياة الزوجية، مضيفةً: «أنا أعرف فتيات يعانين اعتماد أزواجهن على دخلهن، ولأني تعودت على حياتي داخل أسرتي أخشى أن اصطدم بزوج بخيل، أو لا تكون لديه المقدرة المادية، لذلك أفضل التريث وعدم التسرع»، مؤكدةً أن هذا لا يعني أنّي لا أريد الزواج، لكن هناك ملامح معينة تبحث عنها في شريك حياتها. حياة كريمة وقالت «شريفة»: الزواج ليس بالأمر السهل، ولذلك يجب من البداية التريث وحسن الاختيار، وما زلت أذكر حالات الطلاق لفتيات شابات صدمن في بداية حياتهن، مضيفةً أنه ليس الاختيار بالأمر السهل بتاتاً، فمتى وجدت الزوج الكفء الذي يستحق أن تضع حياتها في خدمته طول العمر فهي مستعدة، مؤكدةً أنها لا تُريد أن تظلم الشباب، فمنهم متميزون ستكون زوجاتهم فتيات محظوظات، ذاكرةً أنها تُريد زوجاً لا يدخن ولا يسهر خارج البيت، ولديه دخل معقول، يستطيع أن يعيشها حياة كريمة، ولا تحتاج فيها لأسرتها. فتاة اليوم ونوهت «سميره» أنّ عمرها الآن (22) سنة، ولا يمكن وصفها بالعانس، موضحة أنّ من تقدموا لها لا يناسبوها، وليس فيهم من يشجع على القبول، مبينةً أنّ فتاة اليوم تختلف عن فتاة الأمس، فمتطلباتها كثيرة ومسؤولياتها أكثر، ولا يمكن أن تفتح بيت من دون أن تعتمد على زوج كفء، يمكنه تحمل المسؤولية ويسعى لإسعاد زوجته وتحقيق أحلامها، أو على الأقل شيئٌ منها، مضيفةً: «نحن نعيش مرة واحدة، ومن الأفضل أن نحسن اختيار شريك الحياة الزوجية، فليس كل من طرق باب المنزل يُقبل، فهناك بعض الفتيات اللاتي يعانين من إهمال أزواجهن، وذلك كلّه بسبب سوء الاختيار والتسرع في الموافقة»، كاشفةً أنّها تسعى الآن للحصول على وظيفة مناسبة، وهذا لا يتحقق إلاّ بعد تخرجها في الجامعة، مشيرةً إلى أنّها قد توافق على من يتقدم لها حينئذٍ، وستكون مقتنعة به في مشاركة بناء بيت الزوجية. توافق وتقدير وأوضحت «سعاد» أنّها لن تركض وراء الزواج بلهفة، فهي تعلم أنّه مسؤولية، ولذلك من الضروري أن تكون حكيمة في اختيارها، بحيث لا توافق على زوج تندم عليه في المستقبل، مبينةً أنّها تعرف زوجات يعانين من تعنيف أزواجهن بسبب أشياء تافهة، ولذلك هي تفضل التريث في الموافقة على الزوج، حتى تضمن التوافق الذي يحول دون إساءة التعامل، مشيرةً إلى أن الفتاة عندما تضع شروطاً معينة لزوج المستقبل، إنما هي تبحث عن من يشعرها بإنسانيتها، وأنّها امرأة تستحق التقدير، فقد تغير مفهوم الحياة الزوجية في الوقت الحاضر عن الماضي. مظاهر ومحاكاة وأكّدت «خلود العبدالله» - أخصائية اجتماعية - على أنّ الزواج في هذا الزمن تغيّر عن الماضي، حيث باتت متطلباته كثيرة، ومسؤوليات البيت فيه مختلفة، ففتاة اليوم تريد بيتاً مستقلاً عن أسرة الزوج، وترغب في المزيد من الحرية مع زوجها، إلى جانب طموحاتها وأحلامها حين تشاهد مثلاً قريناتها اللاتي قضين شهر العسل في الخارج، ولذلك لا تقبل فتاة اليوم إلاّ بزوج جاهز مادياً وناضج فكرياً، مشيرةً إلى أنّ المظاهر والمحاكاة والمباهاة ساعدت على المبالغة في بعض الشروط الخاصة بالزواج، ولكن هناك شروط أخرى من حق الفتاة مثل استقلالية المنزل، والدراسة، والوظيفة.