الحكومة الالكترونية هي تهيئة الفرصة لعموم السكان ولقطاع الأعمال للتفاعل والقيام بالأعمال التجارية والحكومية باستخدام الوسائل الالكترونية، ويشير تقرير في الولاياتالمتحدة أُعِد من قبل «Office of Electronic Government in General Services Administeration,2001» إلى أن الحكومة الالكترونية تتضمن استخدام التقنية لتحسين وتسهيل توفير المعلومات والخدمات للمواطنين، والمستثمرين، والموظفين، والإدارات الحكومية، ويضيف التقرير أن الحكومة الالكترونية تمكن الدولة من التحول من السلبية إلى أكثر إيجابية وفاعلية في تقديم الخدمات والمعلومات. لقد وصلت بعض الدول إلى المرحلة الثالثة من الحكومة الالكترونية، مثل الدنمارك وايرلندا وفنلندا والسويد، وحققت نسبة 75 في المئة من توفر الخدمات الالكترونية المباشرة، وطبقت ألمانيا الحكومة الالكترونية بشكل كامل في إحدى المقاطعات الألمانية مع بداية عام 2004، أما في واقعنا العربي فإنه لن يتيسر إدخال خدمات الحكومة الإلكترونية إلا من خلال نشر ثقافة وأداء الحاسبات بين أكبر عدد ممكن من موظفي الدولة، وفي دراسة أجراها «الرقابي» 1423ه، ذكرت أن نسبة 75 في المئة من الموظفين الحكوميين لا يعرفون استخدام «الانترنت». فلا يوجد حكومة الكترونية من دون موظفين معلوماتيين يستخدمون التقنية الحديثة ويسخرونها لخدمة العمل الإداري ويستفيدون منها، ويستطيعون تطويع التقنية الالكترونية لخدمة الأداء الحكومي والخدمي على وجه التحديد، ولكن واقع الحال في العالم العربي، ونحن منهم، يقول إن التنظيمات لم يحسنوا التعامل مع التقنية بالشكل الذي يحقق الجودة في خدمة أغراض التنظيم التي من سماتها السرعة. ولم تستخدم التقنية الالكترونية في القطاعات الحكومية في تطوير الاستراتيجيات للعمل الخدمي، بل استخدمت من أجل مكنة الأعمال الروتينية، بحيث يتم نقل الروتين الممل إلى الحاسب الآلي والوقت نفسه ولكن في صيغة الكترونية! على رغم توفر الإمكانات التقنية والالكترونية والفضاءات الافتراضية في كل جهاز حكومي بشكل كبير إلا أن العمل يسير في بطء شديد ولم يتم الاستفادة من التقنية الالكترونية بالشكل الذي يحقق الطموح في بعض الأجهزة الحكومية، لماذا؟ بسبب الثقافة الإدارية التي لا تزال تحتاج إلى تدخل فعال، وكذلك عناصر الجودة مفقودة في كثير من الجهات الحكومية، ولا يعي كثير من مسؤولي حب الروتين والمركزية أهمية الجودة، التي من عناصرها رضاء العميل أو المستفيد، والتي هي بالأساس الهدف من إنشاء كل تنظيم حكومي خدمي، لذلك لا بد من نشر الثقافة الالكترونية، وكسر أي حاجز من شأنه أن يكون عائقاً أمام التخلي عن الطرق التقليدية وتبني طرق حديثة، والتخلي عن العقليات البيروقراطية البالية التي كان شغلها الشاغل الحفاظ على الروتين، إذ وقفت حائلاً بين التمرد على الروتين والخروج بحلول عملية لأزمات عدة ومشكلات لطالما عانى منها الموظفون والمراجعون في آن واحد. حماة البيروقراطية هم فئة من الموظفين المتنفذين، تسمرت عيونهم على اللوائح، وحفظوا النظام من دون النظر في أهدافه التي وضع التنظيم والنظام لخدمتها، ولكن همهم أن يكون النظام أداة للسيطرة على الآخرين بكل وسيلة ممكنة، والحفاظ على مكانتهم الاجتماعية فقط، فإن أهم شيء يمكن أن يقدمه العمل التقني الالكتروني هو جعل القيادات الإدارية أكثر استجابة ومساءلة ومحاسبة على قراراتها وأنشطتها، وهذا لسان حالنا (يقول لا نرغبه ونضع كل العراقيل أمام التوجه للعمل الإداري الالكتروني). هذه ثقافة اجتماعية إدارية تمكنت عبر الزمن في القيادات الإدارية القديمة التي تحب وتتلذذ بالتعقيد والروتين الممل، والبعد كل البعد عن أهداف النظام والتنظيم نفسه، يساعدها في ذلك عدم وجود جهات أخرى تقيس الأداء في الجودة، والتحول الخدماتي إلى التقنية الالكترونية في العمل الحكومي في المملكة العربية السعودية، وكذلك تتداخل عناصر إدارية تنظيمية مع عناصر ثقافية اجتماعية في المفهومات الإدارية تخالف أهداف التنظيم نفسه في بعض الأحيان. فالدولة بذلت الكثير من الأموال الطائلة في خدمة المواطن، كماً ونوعاً، ولكن العبرة في الأشخاص التنفيذيين في الدولة القائمين على الخدمات. عند زيارة أي إدارة حكومية في هذا اليوم، وفي أي منطقة، أو مدينة، أو قرية أو هجرة، ستجد الحاسبات من أفضل الأنواع، وشاشات ال «سي دي» والبلازما وجميع ملحقاتها، ولكن بعضها عليها غبار من عدم الاستخدام، والبعض الآخر لألعاب التسالي، لماذا؟ ببساطة لأن المسؤول لم يلزم باستخدامها وتحقيق جودة في الخدمة ولكن عند زيارة بنك أو شركة خاصة تجد حاسبات متواضعة، ولكن كم تستغرق خدمتك؟ ساعة ساعتين، أو يوماً على الأكثر، بينما القطاع الحكومي توجد به الحاسبات، والنظم موجودة، والفضاءات موجودة، وتستغرق بعض الخدمات شهوراً عدة! أليس ذلك من التخلف الإداري في ظل عصر السرعة؟! أنا في نظري أن أي وزارة خدمية تستغرق خدمتها أكثر من شهر هي وزارة متخلفة، وزيرها لم يوفق في اختيار وكلاء متفتحين مستوعبين لعصر السرعة، وبذلك لا يعتبرون للمراجع أي اعتبار... واحكموا انتم بأنفسكم من خلال زيارتكم لفروع الوزارات، ستعرفون من المتخلف عند مراجعتكم، وأنا معكم أحكم بما أشاهد وأرى؟