لا شك أن التدخين وكل سموم من الآفات التي تقضي على حياة الإنسان، وتُدمِّر الاقتصاد وتلوِّث صحة البيئة. بات التدخين موتاً محققاً بين المدخنين وجلسائهم، ومشكلة عالمية عامة تسبب آثاراً سلبية في شتى المجالات، الصحية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية والأسرية والحضارية.. حيث يقضي هذا الوباء الفتَّاك على أكثر من خمسة ملايين إنسان سنوياً نتيجة مصاحبة المدخنين ومعايشتهم والجلوس معهم، ومهما اختلفت أشكال التدخين أو أعمار المدخنين، فإنه يؤثر تأثيراً فتاكاً على أجهزة الجسم المختلفة ويؤدي إلى الإدمان. ونسمع عن الكثير من ضحايا هذا السُّم القاتل الذي قضى ولا يزال يقضي على أرواح الكثيرين والكثيرين من الناس..! مما يتوجب علينا جميعاً الوقوف ضده؛ فالتدخين آفة كبرى -سواء كان سيجارة أو شيشة (معسل) بجميع أنواعه المختلفة- انتشرت في شتى أنحاء العالم دون استثناء، وحتى تاريخ هذا اليوم سأذكر بعض عدد الضحايا الذين يُقدَّرون بالملايين من البشر سنوياً، يموتون بسبب هذا الداء القاتل! وهو مسؤول بشكل مباشر عن وفاة شخص كل 10 حالات وفاة حول العالم. أكثر من 100 ألف شخص يموتون سنوياً في الصين.. نتيجة التدخين!! لكن هل تعلمون أين تكمن الفاجعة؟ إن هؤلاء الأكثر من 100 ألف ليسوا من المدخنين. هؤلاء ممن فقط مروا بجانب أناس يدخنون، أو عاشوا مع مدخنين، أو استنشقوا الدخان في مطعم أو سوق! أي ما يُسمَّى بالتدخين السلبي. فهل أدركتم حجم الكارثة؟ هل رأيتم إلى أية درجة تبلغ سُمِّية الدخان؟ أما طريقة الموت، فحسب كلام موسوعة ويكيبيديا فإن التدخين السلبي يمكن أن يسبب الأمراض التالية: السرطان: بجميع أنواعه وخاصة سرطان الرئة، وأمراض الأنف والأذن والحنجرة: خاصة التهابات الأذن، وأمراض الدورة الدموية: خاصة أمراض القلب، وأمراض الرئة: خاصة ازدياد مخاطر الإصابة بالربو، وأمراض الحمل: خاصة الإسقاط والتشوهات الخلقية، والحمل خارج الرحم. أما بالنسبة إلى مَن لديهم أصلاً مثل هذه الأمراض فإن التدخين السلبي يمكن أن يزيدها سوءاً مثل الربو والحساسية. أما الأطفال فتأثيره أشد فتكاً بهم، وحسب الدراسات المستفيضة التي أُجريت في هذا المجال فقد توصل العلماء والباحثون إلى أن البلايا التالية تحل بالأطفال الذين يتواجدون حول المدخنين: حالة الوفاة المفاجئة للوليد، نشوء مرض الربو، التهابات الرئة، نشوء مرض التهاب الشعيبات الهوائية وزيادة حدتها، مرض السل القاتل، مرض كرون (التهاب الأمعاء المزمن) وإعاقات ذهنية. مرة أخرى هذه أمراض لا تصيب المدخنين، وإنما تصيب فقط الذين يتواجدون حولهم! المدخن أصدر حكماً بالإعدام على نفسه (وذنبه على جنبه)، ولكن ما ذنب الأطفال والنساء والرجال غير المدخنين ممن يمرون في الأسواق والمطاعم والشوارع ويستنشقون هذه القنبلة المدمرة رغماً عن أنفهم. وقد سرني وأعجبني القرار الجميل الذي اتخذه مجلس الوزراء السعودي الموقر وبعض الحكومات، وذلك بمنع التدخين في الأماكن العامة منعاً تاماً، وفرض الغرامة لمن يخالف ذلك. ومن هنا دار في ذهني بما أننا ننتمي إلى دين الله الإسلام (ولله الحمد والفضل والمنة) الذي يُحرم الضرر وينهى عن قتل النفس، ويأمر بضرورة عدم إيذاء الغير، ومن هذا المنطلق أصبح من الأجدر تفعيل هذا القرار الرشيد بكل حزم وحسم ومتابعة وعدم التهاون في تطبيقه وما ذنبنا أن نستنشق هواء غير نقي وغير صحي؟ فمن المقترحات لحل هذه الآفة المدمرة: أملنا ورجاؤنا من وزارة الصحة ووزارة التجارة وصحة البيئة وهيئة وجمعية حقوق الإنسان وهيئة الغذاء والدواء وحماية المستهلك والمركز العربي لمكافحة التبغ وجميع الناشطين في الدفاع عن حقوق الإنسان في أن يهبُّوا جميعاً مسرعين دون تهاون أو تباطؤ لمطاردة وملاحقة شركات التدخين لمطالبتهم قضائياً لأخذ العوض منهم نتيجة لأضرار التدخين التي تصيب المدخنين وجلسائهم، وعليهم جميعاً المبادرة في ذلك على وسائل الإعلام المختلفة الإكثار من نشر ثقافة أضرار التدخين. وكذلك على كل من تلك الهيئات دراسة هذا الموضوع دراسة معمقة مستفيضة لوضع إستراتيجية للحد من تفشي أضرار التدخين والنظر بجدية في مسألة رفع الغرامات والجزاءات المالية على رسوم علب السجائر؛ لأن ذلك سيحدّ إن شاء الله بشكل كبير من تلك الظاهرة القاتلة التي تسببت في وفاة الملايين من البشر. وأخيراً تفعيل دور جمعيات مكافحة التدخين والمركز العربي لمكافحة التبغ ودعمهم مادياً ومعنوياً لكي تؤدي دورها على أكمل وجه. فيا أخي المدخن -أعانك الله ووفقك لكل خير- عليك الإقلاع عن التدخين لسلامة صحتك وصحة أسرتك. ومجتمعك فنريد يا أخي تفعيل قرار مجلس الوزراء الرشيد الموقر لمنع التدخين في كل من مكةالمكرمة والمدينة المنورة وسائر أرجاء مملكة الإنسانية التي تحارب الضرر أياً كان نوعه فكن أول الداعين لذلك. وفق الله الجميع لكل ما يحبه الله ويرضاه وإنا لمنتظرون.