أكدت الشرعية الإسلامية على المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الآباء تجاه الأبناء، كما جبلت الفطرة الإنسانية السوية التي أودعها الله في الآباء الرحمة والعطف على الأبناء، وانطلاقاً من هذه المسؤولية الشرعية والفطرية السوية ومساهمة في توعية وتحذير الآباء المدخنين أشير إلى أهم الأضرار الصحية التي تصيب الأطفال نتيجة تدخين آبائهم فأقول: توصلت دراسة نشرتها المجلة الطبية البريطانية إلى أن الأطفال الذين يتعرضون للتدخين السلبي -أي يتواجدون في مكان يدخن فيه مدخنون- يواجهون خطراً أعلى للإصابة بسرطان الرئة عندما يصلون إلى مراحل البلوغ والشباب، وتكمن خطورة تعرض الأطفال للتدخين السلبي في أن أجسامهم حساسة جداً للنيكوتين، لأن أعضاء المناعة لم تكتمل لديهم، وأجسامهم غير قادرة على تنقية الهواء من النيكوتين والمواد الضارة. وعن أبرز الأمراض التي تصيب الأطفال الذين يتعرضون للتدخين السلبي تقول متخصصة في أبحاث السرطان بالمعهد الألماني في هايدلبيرغ: لقد أثبتت الأبحاث أن حالات الموت المفاجئ للرضع لها علاقة بالتدخين السلبي، إذ إن ما يتراوح بين (30-50%) من الأطفال المتوفين كانوا من المدخنين السلبيين، كما أنه يسبب التهابات مزمنة في الأذن الوسطى والرئتين، إضافة إلى التغيرات السلبية في السلوك كالعدائية وغيرها. وأشارت دراسة نشرت حديثاً في مجلة أمراض الصدر الأوروبية، وأُجريت في مدينة (ساسكتون) في كندا، أن الكحة وأعراض الجهاز التنفسي تزداد لدى الأطفال الذين يعيشون بين أبوين مدخنين، كذلك تزداد لديهم احتمالية أن يتطور التهاب اللوزتين بما يتطلب استئصالهما أكثر بكثير من الأطفال الذين يعيشون بين أبوين غير مدخنين. وأفادت دراسة حديثة بأن ازدياد عدد المدخنين في الولاياتالمتحدة خلال القرن الماضي أسهم بشكل كبير في ارتفاع عدد الأطفال المصابين بمرض الربو، وأشار الدكتور " رينيه جودوين " من مدرسة الصحة العامة بجامعة كولومبيا في نيويورك إلى أن معدل الإصابة بالربو ازداد بما لا يقل عن ثلاثة أضعاف خلال العقود القليلة الماضية، وأوضح أن نسبة الإصابة بالربو هي الأعلى في الدول الصناعية، وحذر من أن نسبة المصابين بالمرض في ازدياد مضطرد في العالم الثالث. وخلصت الدراسة إلى أنه يوجد ارتباط كبير بين التدخين وارتفاع معدل الإصابة بمرض الربو. وحذرت دراسة جديدة من أن المدخنين الذين ينامون بالقرب من أطفالهم يعرضونهم لخطر الموت في السرير، وقد كشفت الدراسة أن (95 %) من الأهالي كانوا على علم بأن هناك خطرا على الطفل الذي ينام في السرير إذا كان أحد والديه مدخناً. وتوصلت دراسة أمريكية حديثة إلى أن ثلث عدد الأشخاص الذين يتنفسون في وجود مستويات عالية من دخان السجاير يواجهون أضراراً في الرئة مماثلة لتلك التي يتعرض لها المدخنون، وأضافت الدراسة إلى أن (20%) من النساء اللاتي أصبن بسرطان الرئة لم يدخن على الإطلاق، وأن (35%) من الأطفال الأمريكيين يعيشون في بيوت يوجد بها شخص يدخن بشكل منتظم! ومن الناحية العقلية للطفل أوضح الباحثون أن التدخين السلبي يضعف أداء الطلاب في المهارات الإدراكية والذهنية، خصوصاً فيما يتعلق بالقراءة والحساب، وتوصل المركز الأمريكي للصحة البيئية للأطفال بعد دراسة أجراها على (4000) طفل إلى أنه كلما ازداد حجم تعرض الطفل للتبغ ساء مستواه الدراسي. أخيراً: لقد اعتنى الإسلام بالإنسان في شتى مراحل حياته وأوكل إلى الأبوين مهمة التربية الحسنة والإعداد القويم في شتى الأمور المتعلقة بالأبناء، وشدّد على ذلك تشديداً كثيراً فقال تعالى: " يوصيكم الله في أولادكم "، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ". فارحموا أطفالكم أيها المدخنون فأنا أعلم أنكم تبذلون الغالي والنفيس في سبيل أن يحيا أبناؤكم حياة سعيدة. حمد عبدالله القميزي