احتضن الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود القضية الفلسطينية منذ بدايتها وأعطاها جل اهتمامه وجهده رغم ان الامكانات المادية للمملكة كانت تكاد تكون معدومة ولكن الملك عبدالعزيز - رحمه الله - اتبع قول الله سبحانه و تعالى (يؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة)، وتجسد موقفه المشرف عندما التقى الرئيس الامريكي روزفلت على ظهر المدمرة الامريكية واثبت له عروبة فلسطين منذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد ضاحضاً الإدعاءات الصيهونية بان فلسطين بلد بلا سكان وان اليهود هم اصحاب الارض ولا وجود للفلسطينيين على هذه الارض ثم طلب من الدول العربية السبع عدم ارسال جيوشهم الى فلسطين لمقارعة اليهود قال لهم لا تدخلوا بجيوشكم ارض فلسطين فتثيروا حفيظة العالم الغربي ضدكم فيقومون بدعم اليهود بكل ما يستطيعون بل اتركوا الفلسطينيين يقارعون اليهود بأنفسهم ومدوهم بالسلاح والمال والمتطوعين فقط لكن العرب لم يستمعوا لقول الملك الحكيم عبدالعزيز فدخلوا بجيوشهم واضاعوا فلسطين علما بانه عمل بهذه الحكمة وسمح للمتطوعين بالذهاب الى فلسطين وان على رأسهم الشيخ فهد المارك يرحمه الله ولا تزال مقبرة الشهداء السعوديين موجودة بغزة. ثم احتضنها من بعده - رحمه الله - الملك سعود والذي اولى قضية الشعب الفلسطيني جل اهتمامه وزار القدس وقطاع غزة. ثم احتضنها من بعده شهيد القدس الملك فيصل - رحمه الله - وقد اعطاها كل جهده ووزنه الدولي وحنكته واعترف بحركة فتح وسمح لها بفتح مكاتب سميت مكاتب اللجان الشعبية لرعاية اسر مجاهدي وشهداء فلسطين وكلف صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز برأستها، وأغدق على الشعب الفلسطيني المساعدات المادية والسياسية والمساعدات اللوجستية، والتي كنت مسؤولاً عنها، وقد شملت كل شيء مما مكن المقاومة من الصمود بل التفوق في بعض الاوقات على العدو الصهيوني وانتصاره في حرب 1981 وسميت بحرب المدفعية في ذلك الوقت حيث تأثرت بها المستوطنات في شمال فلسطين ورحل سكانها الى جنوبفلسطين هرباً من القصف المدفعي ولما كانت طروحات السلام تتوالى على المنطقه كان موقفه يرحمه الله واضحاً وجلياً وكان عندما يقابل كيسنجر وزير خارجية الولاياتالمتحدةالامريكية يسأله هل احضرت حلا يلزم الاسرائيليين بالانسحاب من جميع الارض العربية التي احتلت عام 67 وخاصة القدس الشريف فيجيب كيسنجر دعنا نتفاهم فيجيب رحمه الله ان لا تفاهم على شيئ بدون القدس وبقي على موقفه هذا الى ان استشهد رحمه الله والجميع يعلم كيف استشهد ولماذا وقد اطلقنا نحن الفلسطينيين عليه رحمه الله (شهيد القدس). وهنا اذكر حدثا مهما يثبت حرصه الشديد على المقاومة وعلى الشعب الفلسطيني عندما استدعاني جلالته وسلمني رسالة وطلب مني الحرص الشديد عليها وتسليمها على الفور للرئيس ياسر عرفات يرحمه الله وبالفعل قمت بتسليمها في اليوم التالي، وكان فيها معلومات تفيد بان المقاومة سوف تتعرض لضربه قوية وعلى الجميع اخذ الحيطه والحذر، ولكن الله سبحانه وتعالى سبقت ارادته كل شيء وتعرضت المقاومة لهجوم في الفردان ببيروت بقيادة باراك واستشهد فيه القادة الثلاثة ابو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر يرحمهم الله. ولن انسى ولن ينسى شعبنا امير الانسانية الامير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام - يرحمه الله رحمة واسعة - الذي اولانا رعاية خاصة ولم يبخل علينا يوما ولبى كل ما طلبناه وعلى كل الصعد والذي وضع اسطول النقل العسكري الجوي السعودي تحت امرتنا لنقل قواتنا الى مطار الجورة برفح على الحدود المصرية الفلسطينية نسأل الله العلي القدير ان يتغمده برحمته وان يجزيه الله عنا خير الجزاء وان يجعل كل ما عمله من اجلنا في موازين حسناته. ثم احتضن القضية من بعده الملك خالد بن عبد العزيز - يرحمه الله - والذي اعطاها ايضا جل اهتمامه واذكر يوماً قابلناه يرحمه الله في الرياض وكان ذلك قبل وفاته وسألنا ماذا اجبتم الرئيس حافظ الاسد على طلبه بضرورة الموافقه على اقامة التحالف الاستراتيجي معه فرددنا عليه رحمه الله بأننا ثورة وهم دولة ونحن لا نستطيع التجاوب مع هذا الطرح لكي لا نذوب وننتهي كمقاومة فأجاب رحمه الله اذا كان هذا ردكم كان الله في عونكم. وبعد ذلك اجتياح الاسرائيليين بيروت عام1982 وتوفاه الله في الطائف اول يوم في الاجتياح وصمدت المقاومه 88 يوما ولم يستطع العدو من دخول بيروت الا بعد خروج الفدائيين من بيروت ولم يتمكن من الاجهاز على المقاومة كما كان يحلم ثم كانت مذبحة صبرا وشاتيلا بقيادة مجرم الحرب شارون ولو كانت بيروت مدينة فلسطينية لما خرجنا منها. ثم حمل الأمانة من بعده خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز يرحمه الله ولقد كان لمواقفه الداعمة للشعب الفلسطيني تأثيراً كبيراً على صموده وقد اطلق يرحمه الله مشروعا لحل الصراع العربي الاسرائيلي سمي مشروع الملك فهد للسلام والذي اصبح مشروعاً عربياً للسلام والذي ينص على انسحاب اسرائيل من جميع الارض العربية المحتلة عام 67 مقابل الاعتراف باسرائيل ولكن هذا المشروع لم ير النور ولم يتلقفه العرب ولم يقوموا بأي جهد لدعمه وانجاحه وقدم يرحمه الله للشعب الفلسطيني والمقاومة مالم نكن نتوقع وكنا نجد من لدنه يرحمه الله كل الدعم والمساندة وفي كل المجالات الى ان توفاه الله. * سفير دولة فلسطين بالمملكة سابقاً ومستشار رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية