إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا لفراقك يا وائل لمحزونون . ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ( إنا لله وإنا إليه راجعون) فلقد صرت أثرا بعد عين بعد أن كنت ملء السمع والبصر ولكنني أعلم يقينا بأن هذه هي إرادة الله سبحانه وتعالى وهذه مشيئته فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وأسأله سبحانه وتعالى كما أخذك مني ما بين غمضة عين وانتباهتها وأنا راض بذلك أن يجمعني بك في الفردوس الأعلى من الجنة مع المصطفى محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم . رحمك الله يا وائل فلقد كانت أيامك الأخيرة أيام وداع لنا ولهذه الدنيا الفانية . فطاعتك الزائدة وتفانيك في إرضائي وزياراتك لأهلك وأقاربك وأعمامك وأخوالك وعماتك وخالاتك وبني عمك وبني خالك الذين كسبت بحق حبهم وودهم ورضاهم كانت كلها شواهد على اختيار الله لك . فالخيرة فيما يختاره الله سبحانه وتعالى ولذلك كان المصاب فيك جللا والحزن عليك شديدا فلم يخطر في بالي بأنك عندما كنت تكلمني الساعة السادسة صباحا يوم الخميس 24/7/1433ه بأنها ستكون المكالمة الأخيرة وأنها آخر مرة سأسمع صوتك ولم يخطر في بالي بأنه بعد ساعة واحدة من هذه المكالمة سيأتيني خبر وفاتك ومن جوالك . ولكن لله الحمد على ما قضى وله الشكر على ما أعطى وله الحمد في الأولى والآخرة وهو على كل شيء قدير. رحمك الله يا وائل فلقد رثيت والدي ووالدتي ولكني لم أستطع أن أقول في رثائك كلمة واحدة ولا أدري لماذا ؟ ولكن استعضت في رثائك بقصيدة الحسن التهامي رحمه الله في رثاء ابنه الذي مات في عمر يقارب عمرك . يا كوكبا ما كان أقصر عمره وكذلك عمر كواكب الأسحار وهلال أيام مضى لم يستدر بدرا .. ولم يمهل لوقت سرار عجل الخسوف عليه قبل أوانه فمحاه قبل مظنة الإبدار واستل من أترابه ولداته كالمقلة استلت من الأشفار فكأن قلبي قبره وكأنه في طيه .. سرا من الأسرار هيهات قد علقتك أسباب الردى واغتال عمرك قاطع الأعمار ولقد جريت كما جريت لغاية فبلغتها وأبوك في المضمار فإذا نطقت فأنت أول منطقي وإذا سكت فأنت في اضماري أخفي من البرحاء نارا مثلما يخفي من النار الزناد الواري وأخفض الزفرات وهي صواعق وأكفكف العبرات وهي جواري وأكف نيران الأسى ولربما غلب التبصر فارتمت بشرار أشكو بعادك لي وأنت بموضع لولا الردى لسمعت فيه مزاري شيئان ينقشعان أول وهلة ظل الشباب .. وخلة الأشرار نزداد هما كلما ازددنا غنى والفقر كل الفقر في الإكثار ما زاد فوق الزاد خلف ضائعا في حادث . أو وارث . أو عار فلربما اعتضد الحليم بجاهل لا خير في يمنى بغير يسار أبكيه .. ثم أقول معتذرا له لقد وفقت حيت تركت الأم دار جاورت أعدائي وجاور ربه شتان بين جواره وجواري رحمك الله يا وائل رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته وجعل قبرك روضة من رياض الجنة وألهمنا بعدك الصبر والسلوان ورحم جميع موتى المسلمين . وإنا لله وإنا إليه راجعون . والدك المكلوم