(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ )آل عمران185 (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا) الأحزاب:23 (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)الفجر:27-30. الأستاذ الشيخ عبد المحسن بن محمد بن عبد المحسن التويجري الذي أنجبته مدينة المجمعة ونشأ وترعرع فيها وكان وحيد أبويه فوالده الشيخ محمد من أبرز تلاميذ الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري وقد تلقى الشيخ عبدالمحسن تعليمه في المجمعة في المدرسة التي أسست عام 1356 ثم انتقل مع كوكبة من أبناء المجمعة عام 1364 حيث تلقوا علومهم في دار التوحيد بالطائف وكانت هذه الدار برئاسة فضيلة الشيخ محمد بن عبدالعزيز المانع ثم الأستاذ بهجة البيطار العالم الكريم الذي قدم إلينا من سوريا ثم التحق بكلية الشريعة بمكةالمكرمة وتخرج فيها عام 1373ه ومن بين زملائه كوكبة من الرجال الأعلام ومنهم معالي الشيخ محمد بن إبراهيم الجبير العالم العلم رجل الدولة الذي تولى وزارة العدل ورئاسة مجلس الشورى، وفضيلة الشيخ عثمان بن إبراهيم الحقيل الذي تولى التعليم ثم القضاء حتى تبوأ مرتبة قاضي تمييز، والذي توفي شهيداً إن شاء الله في حادث سير وهو قادم من مكةالمكرمة إلى الرياض، وإبراهيم بن محمد الحجي الذي بدأ حياته حارساً للمدرسة وأنهى عمله في الدولة وكيلاً لوزارة المعارف ، والأستاذ المحامي محمد بن عبدالعزيز الربيعة تولى إدارة التعليم في المجمعة ثم المحاماة، وفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الربيعة ، وآخر أعماله رئيس محكمة الدوادمي ثم قاضي تمييز، وكنت من بين تلاميذه عام 1375ه ، والأستاذ النابغة المتميز في دراسته وعمله وما يجيده من اللغات الأجنبية إبراهيم بن حمد العبدالوهاب كان أستاذا في معهد الأنجال وانتهى به المطاف مديراً للتعليم في المجمعة، والأستاذ عثمان بن عبدالعزيز الأحمد مدير عام الامتحانات بوزارة المعارف، والأستاذ الشاعر عثمان السيار وكل هؤلاء نجوم ساطعة في سماء المجمعة وأعلام في شتى ميادين الحياة تغمدهم الله بواسع من رحمته ورفع درجاتهم جزاء ما قدموا لدينهم وبلادهم، وعمل الشيخ عبد المحسن معلما متميزا جادا مجتهدا متبحرا وكان احد أساتذتي في عام 1375 وقد أخذتني سنة من النوم فعاتبني عتاب الوالد المشفق والمعلم الرشيد غير انه أخرجني من قاعة الدراسة فكانت هذه درس لي وعلمتني أن أكون في يقظة تامة في جميع مراحل دراستي ولما كان متميزا بالذكاء والحنكة والحكمة وحسن القيادة تولى إدارة المعهد العلمي في الإحساء ثم تحول إلى مدير التعليم في القصيم وامتد بعلمه وفضله إلى ميدان التعليم في عدن حيث تعلم الناس منه هناك الوسطية والاعتدال والتمسك بالقيم والأخلاق من خلال القرآن الكريم والسنة المطهرة، وعلمهم كيف ينأون بأنفسهم عن العصبية والحزبية الضيقة، ومن ثم عاد إلى البلاد وتولى إدارة أملاك الدولة بوزارة المالية بعدها صار أحد أركان وزارة الزراعة وتميز رحمه الله بصدق اللهجة والإخلاص في الدعوة إلى الله والقدرة على أساليب الدعوة والوصول إلى قلوب الناس فعمل مع كبار الدعاة في وزارة الشؤون الإسلامية وكان شغوفاً بالدعوة في المساجد وفي الكثير من الأندية بل لا يخلو مجلس يحضر فيه إلا أتحف جلساءه بالنفيس من الحديث والتوجيهات السديدة، ومع هذا كله فهو كاتب قدير ولديه تفوق في الكتابات المتميزة في صحف القصيم والجزيرة والبلاد وعكاظ ومجلة اليمامة وله عمود أسبوعيا في صحيفة الرياض كما انه من المؤسسين لهذه الصحيفة حيث عرف بقلمه السيال ورأيه الحصيف وبصيرته النافذة وبعد نظره وإحاطته بأحوال المجتمع ومشكلات الناس. قاد مسيرة حياته بدهاء وأناة وخبرة وجلد متجنباً الأضواء ما وسعه ذلك. إنسان يتميز بصفات فريدة قد لا تتوفر في جيله وربما في الأجيال التي بعده وكان أنموذجاً فريداً للدعاة والزاهدين، كما أن الشيخ وبالرغم من حساسية وأهمية المناصب التي أُسندت له خلال مراحل حياته المختلفة إلا أنه بقي من أكثر الزاهدين في المناصب بالرغم من قربه من عمه والدنا الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري، والذي عرف عنه تدفق الفكر وعمق الثقافة والإنسانية والتواضع والتواصل، والرغبة في الخير لكل الناس وكان من الممكن أن يتبوأ الشيخ عبدالمحسن منصبا قياديا عاليا غير أن هذا العالم الجليل من ازهد الناس في المناصب العالية. ويؤثر القراءة في شتى العلوم والمعارف فهو مفسر وفقيه وخبير بأحوال المجتمع وهو شيخ هُمام، وعَلَم من كبار الأعلام، كريم الأخلاق لقد قدم شيخنا لدينه وأمته وبلاده وولاة الأمر أعمالاً جليلة على مدى ستين عاما، فكان فيها مثالاً للعطاء المتدفق والمتميز فهو من الرواد الذين من الصعوبة بمكان تعويضهم لشمولية علمهم وعصاميتهم في حياتهم وما كابدوه في مسيرتهم العملية، فضلاً عن ثراء عطائهم. هذا الراحل أنموذج في العصامية والعطاء والجرأة بقول الحق لا يداري ولا يماري مع عرض الأفكار الاجتماعية التي أسهم من خلالها في خدمة وطنه في ثنايا ما كان يكتبه (من أعماقه) - كما هو اسم زاويته - في بداية صدور الصحافة السعودية، وفي منطقة نجد، التي واكب صدورها بواكير التنمية في بلادنا. الشيخ عبدالمحسن بن محمد التويجري عُرف بعنايته وتفانيه في كل عمل اسند إليه سواء كان تعليميا وتربوياً أو إدارياً وفي سبيل الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة متمثلا بقوله تعالى على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وهو في هذه الدعوة على دماثة في الخلق ونبل في الطبع ورفق ومعرفة كاملة بأساليب الدعوة فالدعوة للكبار عنده تختلف عن الدعوة للشباب والدعوة للرجال تختلف عن الدعوة للنساء والدعوة للمسلمين غير الدعوة لغير المسلمين. وكان في سنواته الأخيرة يردد قول يوسف عليه السلام (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) وهو يعني بهذا مملكته المتمثلة في أبنائه الكرام البررة: محمد، ود. خالد، وجمال، ووليد، وباسل، وياسر، مازن، وطيبا وكلهم قد تعلموا وتخرجوا في الجامعات وترقوا في أعمال يخدمون فيها الأمة وهم على جانب من الصلاح والرشد والاستقامة والبر بوالديهم وعشيرتهم وكل من يتعامل معهم ولا ننسى حرمه المصون حصة بنت عمه الشيخ حمد بن عبد المحسن التويجري مدير بيت المال في القصيم وقد كانت زوجته هذه مثالا في الجد والصدق والبر وإكرام الناس كل الناس وفي غاية الإجلال والاحترام لزوجها الشيخ عبدالمحسن الذي صحبته نحواً من ستين عاما لم تختلف معه أو يختلف معها، واني لأرجو من أبنائه الكرام أن يقوموا بجمع وطبع كل ما خلفه من كتابات قيمة متألقة ومقالات متميزة والتي نشرت في المجلات والصحف وما هو موجود لديهم لم ينشر واني لأقدم خالص العزاء وصادق المواساة لأبنائه وابنته وحرمه وعمة الشيخ عبدالله بن عبدالمحسن حسن المعشر عذب الحديث ولديه كنوز من المعلومات من خلال ما تبوَّأ من المناصب بما في ذلك الديوان الملكي ورئاسة الحرس الوطني. والتعزية أيضاً مرفوعة لكل من أبناء عمه الشيخ عبدالمحسن بن عبدالعزيز التويجري نائب رئيس الحرس الوطني وعبدالله ومحمد وحمد وهم من رجال الأعمال وأ. خالد رئيس الديوان الملكي وعبد السلام الذي يشغل منصبا رفيعا في الديوان واضرع إلى المولى القدير أن يسبغ شآبيب الرحمة على روح الشيخ عبد المحسن ويجعله مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. والدعاء موصول بالرحمة إلى الأخ الحبيب الدكتور عبد المحسن بن عبد الله التويجري الرجل المتميز بصدقه وحبه للناس وبذله للمعروف لمن يعرف ومن لا يعرف رحمهم الله رحمه واسعة وأسكنهم فسيح جنانه وإنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا وللأمة خيرا منها. *أحد تلاميذ الشيخ عبدالمحسن