قال مقاتلو المعارضة السورية في بلدة الحفة بغرب البلاد امس انهم يكافحون من أجل تهريب مدنيين محاصرين وسط قتال عنيف قوبل بانتقادات دولية. وقال ثلاثة من المعارضين خلال اتصالات هاتفية ان مئات المسلحين الذين انضموا الى الانتفاضة المستمرة ضد الرئيس السوري الاسد منذ 15 شهرا يتصدون لهجوم بالدبابات وطائرات الهليكوبتر على بلدتهم الواقعة وسط سلسلة جبال قرب السواحل السورية المطلة على البحر المتوسط. وعبر كوفي عنان المبعوث الدولي عن قلقه على السكان المحاصرين في الحفة وطالب بالسماح فورا لمراقبي الاممالمتحدة بدخولها. وحذرت الولاياتالمتحدة من "مذبحة محتملة" بعد تقارير عن وقوع عمليات قتل جماعي في محافظتين قريبتين خلال الثلاثة اسابيع الماضية. وقال مقاتلون انهم أبعدوا المدنيين الى مشارف الحفة مع بدء الحصار المستمر منذ ثمانية أيام لكن هذه المناطق أصبحت الان في مرمى النيران. وذكروا ان قوات الجيش والميليشيا الموالية للاسد تحاصر المنطقة. وقال مقاتل عرف نفسه باسم ابو الودود "كل بضعة أيام نتمكن من فتح طريق لاخراج الجرحى ومن ثم استطاعت بعض الاسر الهروب الاثنين . نحاول اخراج كل الاسر حتى يتمكنوا من الهرب الى تركيا" على بعد 25 كيلومترا. وبدأت الاشتباكات يوم الثلاثاء الماضي بين مقاتلي المعارضة وقوات الامن التي تقيم نقاط تفتيش لتشديد قبضتها على البلدة ذات الموقع الاستراتيجي لقربها من ميناء اللاذقية السوري وايضا من الحدود التركية والتي يستخدمها منشقون لتهريب المواطنين والامدادات. وتقع بلدة الحفة التي تقطنها غالبية سنية عند سفح جبال ساحلية تتركز فيها الاقلية العلوية التي ينتمي لها الاسد. وتحولت الاشتباكات سريعا الى هجوم من جانب قوات الامن. وطلب عنان دخول مراقبي الاممالمتحدة الى الحفة. ويوجد في سوريا فريق من المراقبين لمراقبة اتفاق لوقف اطلاق النار اعلن منذ شهرين لكنه لم يطبق. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له وله شبكة من النشطين في انحاء سوريا ان 29 مدنيا و23 من مقاتلي المعارضة و68 جنديا قتلوا منذ بدء القتال في الخامس من يونيو/ حزيران. وأضاف ان عشرات اصيبوا. وذكرت وكالة الانباء السورية ان من بين المصابين اثنين من قناة الاخبارية التلفزيونية الموالية للحكومة. وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد ان القوات السورية عازمة على استعادة السيطرة على البلدة التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. وتساءل قائلا "المسألة هي بأي ثمن؟" وقال نشطون ان الجيش السوري تكبد خسائر كبيرة بسبب الطبيعة الجبلية للمنطقة التي يصعب تحريك الدبابات والاسلحة الثقيلة فيها وهو ما يعرض الجنود لهجمات مقاتلي المعارضة. وقال عبد الودود انه على الرغم من هذه المكاسب تقف وحدات المعارضة معزولة وتعاني من سوء التنظيم نظرا لقطع خطوط الاتصال بشكل متكرر. وقال قائد من الجيش السوري الحر متمركز قرب الحدود التركية ان هناك حاجة عاجلة للمساعدات. وقال "الموقف رهيب. فلتنس الاسلحة الناس محتاجون الى الدواء والغذاء. كما تعرف نحن في حالة حرب في سوريا. الجيش يمكنه دخول الحفة في دقائق اذا اراد لكنه يريد ان يدمرها بدلا من ذلك." الى ذلك قالت وزارة الخارجية الامريكية الاثنين إن الحكومة السورية تدبر فيما يبدو مذبحة في بلدة الحفة معقل المعارضة وحذرت الجيش السوري من أنه سيحاسب على أعمال القتل. وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الوزارة إن واشنطن تشاطر المبعوث الدولي كوفي عنان القلق. وكان عنان تحدث عن تقارير بشأن استخدام قذائف المورتر وطائرات الهليكوبتر والدبابات في الحفة قرب ساحل البحر المتوسط بالاضافة إلى قصف حكومي لمعقل المعارضة في حمص. وقالت نولاند "إننا نعلن هذا الآن على أمل أن نتمكن من وقف ما يمكن أن يكون مذبحة محتملة" مستشهدة بتقارير من مراقبي الأممالمتحدة الموجودين في سوريا. واضافت نولاند ان قوات الرئيس بشار الاسد تستخدم "اساليب مروعة" بما في ذلك اطلاق النار على المدنيين من طائرات هليكوبتر ونشر ميليشات "الشبيحة" التي تتهمها المعارضة بارتكاب مذبحتين ضد المدنيين في هجمات سابقة على قريتي الحولة ومزرعة القبير. وقالت "يمثل هذا تصعيدا خطيرا للغاية". وأضافت "ونذكر القادة العسكريين السوريين بأحد الدروس المستفادة من البوسنة.. يمكن للمجتمع الدولي أن يعلم وهو يعلم الوحدات المسؤولة عن الجرائم ضد الانسانية وستحاسبون على أفعالكم." وعلى الرغم من التحذير من أعمال عنف وشيكة أوضحت نولاند أن الولاياتالمتحدة ليس لديها جديد يذكر تقترحه لوضع حد للأزمة السورية المستمرة منذ 15 شهرا والتي وصل مجلس الامن التابع للامم المتحدة الى طريق مسدود بشأنها وسط استمرار الدعم للاسد من جانب روسيا والصين اللتين تتمتعان بحق النقض (الفيتو). وقالت نولاند إن واشنطن ستواصل دعم بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة المنتشرة في اطار خطة سلام طرحها كوفي عنان وتجاهلها الجانبان لكنها رفضت الدعوات المتزايدة من قبل جماعات النشطاء وبعض حلفاء الولاياتالمتحدة في المنطقة لتدخل عسكري محتمل.