على الرغم من الوسائل التي تتبعها الجهات المعنية في تثقيف المواطنين للحد من استهلاك المياه بشكل عشوائي، إلاّ أن هذه الجهود لازالت متواضعة، ويقابلها استثمارات تقدر بمليارات الريالات لتحلية المياه وإيصالها إلى مناطق المملكة بأقل التكاليف على المستهلكين. وشدد مختصون على ضرورة تكثيف الحملات التثقيفية للمواطنين للحفاظ على المياه، بحيث تكون موجهة إلى الطلاب والطالبات في المراحل الإبتدائية، لصناعة جيل يحافظ على هذه الثروة، فالملاحظ انخفاض القيمة المعنوية للمياه لدى المستهلك، وهو ما يجعلها عند البعض ليس بذات الأهمية ومن ثم استخدامها بإسراف.. وما المناظر التي نشاهدها في الشوارع، وكميات المياه الهائلة المتسربة من المنازل، إلاّ دليل واضح على ذلك. وتخطط المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة إلى الإفادة من عدد أكثر من الطاقات، والتي من شأنها الوصول إلى تكاليف أقل من الأسعار الحالية، حيث إن آلية التحلية مرتبطة بأسعار البترول، مما دفع المؤسسة إلى التعاون مع مؤسسات البحث العلمي والشركات العالمية؛ لإيجاد طرق أقل تكلفة، عبر استثمار الطاقة الشمسية -مشروع محطة الخفجي-، كما أن المؤسسة تعول على الإفادة من طاقة الرياح في بعض المناطق. "الرياض" تطرح الموضوع، وتلتقي المواطنين والمختصين، فكان هذا التحقيق. إغراق الشارع في البداية قال المواطن "عبدالرحمن الزهراني": إن الجيل الحالي لديه نقص من ناحية التوعية بما يخص المياه، مضيفاً أن أغلب شبابنا يهدرون المياه أمام المنازل للحفاظ على نظافة سياراتهم، من خلال إغراق الشارع بالماء بسبب ذلك. ووافقه المواطن "صالح الوادعي" قائلاً: إن المشكلة تكمن في أن هذه الثروة المهدرة تصل إلى منازلنا بأقل الأسعار، مشيراً إلى أن الحملات التي نظمتها وزارة المياه كان يشوبها الكثير من النقص وهي غير كافية!. وأوضح "عبدالرزاق العليو" -رجل أعمال- أن الصناعة الحديثة للمياه تحتاج الى التقنية والإفادة منها؛ لخفض التكاليف في انتاج المياه، والذي قد يصاحبه ارتفاع في سعر البيع على المستهلك النهائي، ثم الدخول في دوامة غلاء سعر بيع المياه. قيمة معنوية وحذّر "العليو" من انخفاض القيمة المعنوية للمياه في حال شعور المستهلك بانخفاض أسعارها، وهو ما يجعلها عند البعض ليس بذات الأهمية في الصرف، ثم الاستخدام بإسراف في استعمال المياه، وهو الأمر الذي ينافي التحديات التي تواجه قطاع المياه في العالم العربي وفي المملكة على وجه الخصوص، كونها صحراوية في أغلب أجزائها. وعن ارتفاع أسعار تحلية المياه المخلاة عن السابق، أوضح أن صناعة المياه مكلفة مادياً على اعتبار استخدام الطاقة البترولية في تحليتها، وهو السبب الذي أدى الى ارتفاع أسعار تحلية المياه بسبب ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، ذاكراً أن جهود المؤسسة العامة لتحلية المياه المحلاة جعلت منها من أكبر الدول المصنعة للمياه على المستوى العالمي بنسبة (18%)، وهو الأمر الذي يعني ارتفاع أسعار تكلفة المياه المحلاة، مشيراً إلى أن التقارير تؤكد على أن سعر المتر المكعب ارتفع خلال السنوات الماضية الى ما يقارب سبعة ريالات في بعض المدن الرئيسة، ووصل في بعض القرى والمحافظات البعيدة الى أكثر من السعر السابق، وهذا الارتفاع بسبب ارتفاع أسعار البترول في الأسواق العالمية خلال الأعوام الماضية، على الرغم من الدعم الحكومي التي تتحصل عليه المؤسسة من سعر الوقود. استهلاك الفرد الأعلى في العالم ولا يزال البعض «مسرفاً» و«مهملاً» في الترشيد وكشف التسربات بدائل البترول وطالب "العليو" بالإسراع في تطبيق مبادرة استخدام بدائل عن البترول في استخدام المياه المالحة؛ تقليلاً للتكاليف، مشيداً بمبادرة مدينة الملك عبدالله للعلوم والتقنية عبر انشاء محطة تحلية مياه عبر الطاقة الشمسية في الخفجي، بطاقة استيعابية تصل إلى (30) ألف متر مكعب يومياً، مؤكداً على أن الإسراف في استخدام المياه لأجل الزراعة ساهم في زيادة رقعة الاشكالية التي ستعاني منها الدول في القريب العاجل، مبيناً أن الجهات المعنية بالقطاع الزراعي ينبغي عليها الزام المزارعين باستخدام أساليب الري الحديثة والتقطير؛ حفاظاً على الثروة المائية، والتي تشهد حالياً تحديات كبيرة، إضافةً إلى الإفادة من الدراسات والبحوث العلمية في القطاع الزراعي، والذي من شأنه إيجاد مساحة زراعية تستخدم المياه بأساليب علمية حديثة؛ تقليلاً للمياه المستخدمة في الانتاج الزراعي. عقوبات مالية وأكد "د.خالد السنيد" -خبير اقتصادي- على أنه من المهم فرض عقوبات مالية على مهدري الثروة المائية في المملكة؛ حفاظاً على مكتسبات المملكة من الانتاج المائي، في ظل ما تتمتع به من دعم في صناعة المياه والحفاظ عليها، مضيفاً أنه من الصور التي توضح عدم المحافظة على المياه؛ هو ترك الحرية للجميع في غسيل فناء المنزل أو السيّارة، مشدداً على أهمية البدء في وضع خطة استراتيجية يعلمها الجميع وذلك لاستخدامات المياه، وهذه الاستراتيجية تضمن مشاركة الجميع، وذلك عملاً على ايقاف الهدر المائي في شتى مدن المملكة، ذاكراً أن الأهمية تتطلب توعية المستهلك بأهمية المياه، على اعتبار أنها أساس للحياة، إلى جانب تنمية الموارد المائية، التي أصبحت مطلباً حيوياً لضمان التنمية المستدامة في كافة المجالات الصناعية والسياحية والزراعية، عن طريق العمل على تغيير الأنماط والعادات الاستهلاكية اليومية، بحيث يتسم السلوك الاستهلاكي للفرد أو للأسرة بالتعقل والاتزان. أمن مائي وأشار "د.السنيد" إلى أن الهدف من ترشيد استهلاك المياه هو التوجيه نحو الاستخدام الأمثل للمياه الصالحة للشرب، والمحافظة عليها، إضافةً إلى تخفيض قيمة فاتورة الاستهلاك، موضحاً أن الحفاظ على الأمن المائي أمر في غاية الأهمية، وهو من المفاهيم الحديثة التي باتت واسعة الانتشار بين أفراد المجتمع؛ لأنها على تماس مباشر مع حياتهم اليومية. وربط "م.ثابت اللهيبي" -نائب محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه لشؤون التشغيل والصيانة- أسعار تكلفة تحلية المياه بأسعار البترول في الأسواق العالمية، مبيناً أن ارتفاع سعر التكلفة على المؤسسة يرتبط ببورصة شراء الطاقة البترولية، والتي تستخدم حالياً كمشغل لمصانع تحلية المياه في المملكة، مؤكداً على أن أسعار البترول هي العنصر الأهم في تحديد تكلفة تحلية المياه، وهو ما تسعى إليه المؤسسة من خلال الدراسات البحثية والمشروعات المستقبلية إلى استخدام طاقات بديلة عن البترول، بحثاً عن خفض التكلفة، وذلك عبر استغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي ستؤدي على المدى البعيد إلى تخفيض التكاليف، إضافةً إلى الإفادة من هذه الطاقات عبر استغلالها بشكل مجدي اقتصادياً، ذاكراً أن المؤسسة بجانب أنها تسعى الى إيصال المياه المحلاة إلى كل منزل ووحدة سكنية، فإنها تسعى جاهدة كذلك إلى إيجاد قيمة للمياه المحلاة. هدف استراتيجي وعن تأثير استخدام الطاقة الشمسية في خفض التكلفة أوضح "م.اللهيبي" أن تأسيس الطاقة الشمسية في المملكة له هدف استراتيجي وبُعد نظر من المؤسسة؛ لاحتمال نضوب البترول أو تلوثه، إضافةً إلى استدامة الطاقة الشمسية، وهو ما جعل المؤسسة تسعى جاهدة الى الإفادة من الطاقة الشمسية المتوفرة، مشيراً إلى أن استخدام الطاقة البترولية في محطات التحلية البعيدة مثل محطة "حقل" و"خرسان" وما بينهما من محطات صغيرة تتجاوز أعدادها (10) محطات للتحلية، يكلف المؤسسة ضعف التكلفة الحالية؛ بسبب تكاليف نقل البترول إلى تلك المحطات، لافتاً إلى أن المؤسسة تخطط للإفادة من الطاقات الثلاث البترولية والشمسية والرياح، حيث تسعى المؤسسة الى الإفادة من إمكانات تحلية المياه المالحة عبر طاقة الرياح في المناطق التي نستطيع من خلالها انتاج هذه الطاقة. وعن تكلفة أسعار البيع على المواطنين قال "م.اللهيبي": إن المؤسسة لها مسؤولية التواجد وتوفير الماء المحلاة على مدار الساعة، وليست مسؤولة عن التسعير. تسرب الماء من المنازل يعكس إهمال بعض المستهلكين تركيب أدوات الترشيد أفضل والحصول عليها مجاناً د.خالد السنيد م.ثابت اللهيبي عبدالرزاق العليو