تجري اليوم الدورة الأولى من انتخابات تشريعية فرنسية تتبعها الدورة الثانية يوم الأحد المقبل وتحتوي على رهانات كثيرة من أهمها تلك التي تتعلق بمستقبل اليمين واليسار التقليديين واليمين المتطرف. فاليسار الذي فاز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة واستطاع وضع فرانسوا هولاند في قصر الإيليزيه محل نيكولا ساركوزي مرشح اليمين يرغب في أن يحصل على أغلبية برلمانية مريحة تسمح له بالحكم لمدة خمس سنوات، بعيدا عن شبح انتخابات تشريعية مبكرة أو تعطيل عمله بسبب فرضية سن حكم التعايش مع أحزاب اليمين في حال فوز هذا الأخير في أعقاب هذه الانتخابات. وكان قد حصل تعديل دستوري قبل سنوات لربط موعد الانتخابات التشريعية بالانتخابات الرئاسية وجعل الثانية تنظم مباشرة بعد الأولى بهدف منح الفائز في الانتخابات الرئاسية أغلبية مريحة تسمح له بالحكم خارج تجربة التعايش. ولكن أحزاب اليمين التقليدي التي هزمت في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأخيرة ترغب في ألا يحصل اليسار على الأغلبية المطلقة في البرلمان الجديد وأن تكون هذه الأغلبية من نصيبها حتى تثأر لنفسها من هذه الهزيمة. وبالرغم من أن اليمين التقليدي كان دوما غير متحمس لتجارب تقاسم الحكم مع اليسار، فإنه يسعى اليوم إلى تبرير موقفه الجديد بالتأكيد على أن إمكانية حصول اليسار على أغلبية مطلقة في البرلمان الجديد تجعل منه طرفا بيده تقريبا كل السلط التنفيذية على المستوى التنفيذي والتشريعي وعلى المستوى المحلي . وهذا يتنافى حسب قادة اليمين التقليدي ومبادئ توازن السلط. وإذا كانت عمليات استطلاع الرأي لا تتوقع للحزب الاشتراكي قاطرة أحزاب اليسار إمكانية الحصول بمفرده على الأغلبية المطلقة في مجلس النواب الجديد ، فإنها ترى أن إمكانية الحصول عليها مع أحزاب اليسار الأخرى واردة هذه المرة إذا صوت ناخبو اليسار بكثافة. وأما مارين لوبين زعيمة اليمين المتطرف فإنها تدخل هذه الانتخابات وهي تحلم بأن يعود حزبها إلى البرلمان بعد أن كان فيه لبعض الوقت في ثمانينات القرن الماضي لاسيما بفضل نظام الاقتراع النسبي الذي فرضه الرئيس الراحل فرانسوا ميتران وألغاه اليمين التقليدي. وكانت زعيمة اليمين المتطرف قد حصلت قرابة ثمانية عشر بالمائة من الأصوات خلال الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الماضية التي جرت في شهر أبريل الماضي وأحرزت بذاك المرتبة الثالثة بعد فرانسوا هولاند ونيكولا ساركوزي. ومهما يكن الأمر فإن مارين لوبين ترغب في حال انهزام اليمين التقليدي في أعقاب الانتخابات التشريعية في أن تكون قاطرة المعارضة في المستقبل. ومن أهم رهانات الانتخابات التشريعية الفرنسية التي تنظم اليوم دورتها الأولى ذلك الذي يتعلق بمستقبل الفرنسيين من أصول عربية وإفريقية وآسيوية في مجلس النواب الجديد. وإذا كان أحد من هؤلاء لم ينتخب من قبل في المجلس ، فإنه ينتظر هذه المرة أن يفوز بعض المرشحين منهم.