تبدأ اليوم الإثنين في فرنسا الحملة الممهدة للانتخابات التشريعية التي ستجري دورتاها يوم العاشر والسابع عشر من الشهر المقبل. وقد ترشح لمقاعد مجلس النواب التي يبلغ عددها 577 مقعدا ستة آلاف وخمس مئة وواحد وتسعون شخصا تشكل النساء أربعين بالمئة منهم. ويأمل الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند أن يمنحه الناخبون الفرنسيون أغلبية يسارية متماسكة في أعقاب هذا الاستحقاق تسمح له بالحكم لمدة خمس سنوات على الأقل في إطار يتيح له تحقيق برنامجه الانتخابي. وكان قد أكد على ذلك مرات عديدة منذ فوزه على الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في أعقاب الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في السادس من الشهر الجاري. وهو ما ألح عليه أيضا أكثر من مرة جان مارك إيرولت رئيس الوزراء. وينطلق الرئيس الفرنسي الجديد والذي يُعتقد أنه سيحصل على الأغلبية في مجلس النواب بعد الانتخابات التشريعية المقبلة من ملاحظة ميدانية مفادها أن تنظيم الانتخابات التشريعية مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية منذ عام 2002 أتاح للرئيسين السابقين نيكولا ساركوزي ومن قبله جاك شيراك الحصول على أغلبية برلمانية. ولكن هذه الرغبة لا تبدو سهلة التحقيق عمليا على عكس منطق تجربة الانتخابات السابقة لعدة اعتبارات أهمها أن قوى اليسار لم توحد صفوفها هذه المرة وهي تدخل الانتخابات التشريعية خلافا لما حصل قبل الانتخابات الرئاسية الماضية. فقد فشلت المفاوضات التي جرت بين الحزب الاشتراكي قاطرة اليسار وبعض أحزاب اليسار الأخرى ومنها الحزب الشيوعي. وتبادلت قوى اليسار تهمة فشل هذه المفاوضات أو إفشالها. ولذلك فإن حزب الأغلبية النيابية السابقة والمتمثل في حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» اليميني الذي حكم البلاد من عام 2002 إلى السادس من الشهر الجاري يأمل بدوره في الثأر لنفسه في أعقاب الانتخابات التشريعية المقبلة من خلال الحصول مع قوى الوسط على أغلبية في مجلس النواب وبالتالي إرغام رئيس الدولة الجديد على تعيين رئيس وزراء من بين صفوفه وإرغام هولاند بالتالي على تقاسم السلطة مع اليمين التقليدي في إطار حكومة تعايش جديدة على غرار تلك التي فرضت من قبل على كل من الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران في بعض فترات حكمه والرئيس الأسبق جاك شيراك من عام 1997 إلى عام 2002. ويقول أقطاب حزب الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إن هولاند لم يحصل في أعقاب الانتخابات الرئاسية الماضية إلا على واحد وخمسين فاصل ستة بالمئة ومن ثم فإنه بالإمكان إلحاق هزيمة ثقيلة به في أعقاب الانتخابات التشريعية المقبلة. ولكنهم يعرفون في الوقت ذاته بأن مارين لوبين زعيمة اليمين المتطرف والتي حصلت على قرابة 18 بالمئة من أصوات الناخبين في أعقاب الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الماضية عينت مرشحين عن حزبها في كل الدوائر الانتخابية وأنها تريد هذه المرة إرغام ناخبي اليمين التقليدي على التصويت لمرشحيها لاسيما في أعقاب الدورة الثانية علما بأن القانون الانتخابي يسمح للمرشحين الذين لا يحصلون على الأغلبية في أعقاب الدورة الثانية بالبقاء إلى الدورة الثالثة شريطة أن يحصل كل واحد منهم على اثني عشر فاصل خمسة بالمئة من أصوات الناخبين المسجلين في الدورة الأولى.