بالرغم من أن كل عمليات استطلاع الرأي لا تزال تتوقع فوز فرانسوا هولاند مرشح اليسار على نيكولا ساركوزي الرئيس المنتهية ولايته بفارق يتراوح بين ثلاث نقاط وأربع، فإن ساركوزي لا يزال يعول على بعض العناصر التي يأمل في أن تساعده في نهاية المطاف على قلب المعادلة وإحداث المفاجأة. ومنها أساس معين الأصوات التي ذهبت خلال الدورة الأولى إلى مارين لوبين زعيمة اليمين المتطرف والمناظرة التلفزيونية التي ستجري بين المرشحين قبل أيام أربعة أيام على موعد الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي ستجري في السادس من مايو الأحد المقبل. أما بشأن الأصوات التي ذهبت إلى مارين لوبين في الدورة الانتخابية الأولى، فإن عمليات استطلاع الرأي تؤكد أن نصفها يتوقع أن تذهب إلى نيكولا ساركوزي وأن يمتنع ربع أصحابها عن التصويت بينما يذهب الربع الأخير إلى فرانسوا هولاند. ولكن الرئيس المرشح يرغب في أن يحصل على ثلاثة أرباع هذه الأصوات حتى يفند التوقعات ويساعد على تعزيز حظوظه في إحداث مفاجأة يوم السادس من الشهر المقبل. ولذلك فإنه يركز أكثر من قبل في حملته الممهدة للدورة الثانية على الأفكار والأطروحات التي استطاعت من خلالها مارين لوبين إغراء قرابة ثمانية عشر بالمئة من أصوات الناخبين في أعقاب الدورة الأولى. وهناك اليوم مشاكل تواجه الرئيس الفرنسي في التعاطي مع أصوات اليمين المتطرف منها اتهامه من قبل اليسار وعدد من شخصيات اليمين التقليدي برفع شعارات متطرفة وذات طابع عنصري واتهامه في الوقت ذاته من قبل مارين لوبين بأنه "يسرق" منها أفكارها ومشاريعها لأغراض انتخابية. ولكن ساركوزي لا يزال يحلم بإغراء جانب هام من الذين صوتوا لليمين المتطرف ووسط اليمين خلال الدورة الأولى انطلاقا من حقيقة خاصة بطبيعة الخارطة السياسية الفرنسية. فالأحزاب السياسية اليمينة كانت ولا تزال تزن أكثر في فرنسا مما تزنه الأحزاب اليسارية بدليل أن تقدم هولاند على ساركوزي في أعقاب الدورة الأولى لم يحل دون حصول اليمين المعتدل والمتطرف في أعقاب هذه الدورة على نسبة من أصوات الناخبين بلغت قرابة سبعة وأربعين بالمئة مقابل ثلاثة وأربعين بالمئة فقط لليسار. وأما فيما يخص المناظرة التلفزيونية بين المرشحين المتبقين إلى الدورة الثانية، فإنها ستجري في الليلة الفاصلة بين الأربعاء والخميس المقبلين. وستديرها صحافية من القناة التلفزيونية الأولى التابعة للقطاع الخاص وصحافي من القناة الثانية التابعة للقطاع العام. ويعول ساركوزي كثيرا عليها حتى يبدو المرشح القوي الواثق من نفسه. وصحيح أن هناك شبه إجماع على أن نيكولا ساركوزي أكثر قدرة من فرانسوا هولاند على الثبات أمام الخصم في المناظرات التلفزيونية. وكان الرئيس المنتهية ولايته قد اقترح على مرشح اليسار إجراء ثلاث مناظرات بدل مناظرة واحدة. ولكن هذا الأخير رفض المقترح وعلق عليه مازحا فقال إن ساركوزي رسب في الاختبار الكتابي وبالتالي فإنه يرغب في تدارك ضعف أدائه المكتوب من خلال الاختبار الشفهي. وإذا كان البعض يرى من بين المحللين السياسيين أن هذه المناظرة يمكن فعلا أن تساعد ساركوزي على تسجيل بعض النقاط على حساب هولاند، فإن البعض الآخر يرى على عكس ذلك أن الأمر قد قضى وأن هولاند قد كسب الانتخابات بعد قبل إجراء دورتها الثانية.