صدمني خبر إقدام صبي في المدينةالمنورة على شنق نفسه تقليدا لبعض مشاهد الاعدامات التي رآها عبر وسائل الاعلام ، في الواقع لم يصدمني فقط بل انه اقض مضجعي و جعلني في حيرة من أمري لعدة ليال متتالية افكر كيف يمكن ان نقاوم تفاعل اطفالنا مع الاحداث حولهم إلى حد أن تصل بهم الى التقليد الذي يودي بحياتهم الغالية - حفظ الله لنا جميعا ابناءنا و صبّر اهالي المكلومين في ابنائهم - فكرت هل نغلق عليهم كل وسائل الاعلام المرئية والالكترونية والاثيرية ، هل نمنعهم من مشاهدة برامج بعينها ، هل نناقشهم فيما يرونه ، هل نضعهم تحت المراقبة الاربع والعشرين ساعة .. بدا لي كل حل كأنه الغباء المطلق او المستحيل بعينه ، فلا يمكن أن نمنع اطفالنا من متابعة وسائل الاعلام الا لو منعنا انفسنا و استغنينا عن كافة اجهزتنا التي تبث النشرات والافلام والاخبار والمشاهد من تلفاز وحواسيب وجوالات تخطت بقدراتها كل التصورات .. وهل نلزم الآباء باغلاق نشرات الاخبار التي صارت تنز دماً كلما حام طفلهم حولهم .. طيب ماذا عن العنف في رسوم الكارتون التي تصل بدورها الى الشنق وتهشيم الرؤوس وحرق الاطراف والاثاث كما في اشهر كارتون على الاطلاق توم وجيري .. طيب ماذا عن العنف الممنهج والذي تحصل على مكافأة كلما كان اشد واقسى كما في ألعاب الفيديو والبلاي ستيشن .. طيب ماذا عن العنف بين زملاء الدراسة و ابناء العمومة الذين تتحول ألعابهم الى معارك بعد ان وقر في نفوسهم ان قهر الآخر هو منتهى البطولة والتغلب عليه منتهى الشجاعة .. كيف نحصن ابناءنا و نحن نحتمي بهم داخل كهف كله ثقوب اذا اغلقت واحدا اندفع الشر من الثقب الذي يليه اشد وأقوى فاذا اغلقته انفتح ثالث ورابع ومليون .. شعرت بالفزع وعقلي يكاد يحترق كلما فكرت في الكيفية التي يمكن ان نحمي بها صغارنا .. لا مجال لاغلاق الدنيا عليهم ولا منطق يمكننا محاورته لديهم ولا سبيل الى ايقاف بحور الدم خلف جدراننا و في تجاويف اجهزة حياتنا اليومية .. و تذكرت ما حدث لعدد من الاطفال عندما شاهدوا اعدام صدام قبل سنوات عندما قاموا بتقليد العملية فراحوا ضحايا .. تذكرت هذا وانا اشاهد نتفا من تسريبات الفيديوهات عما يحدث في سوريا الحبيبة و تلذذ عناصر الجيش في تعذيب اسراهم بالنتف والضرب والتقطيع والاعدامات الجماعية حتى للاطفال الصغار .. كيف يشاهد صغارنا هذه المشاهد .. وهم لابد سيشاهدونها شئنا ام ابينا ، بأي عقلية يحللونها، بأي عيون يدرسونها يختزنون تفاصيلها ويضيفون عليها من خيالهم الحر ما يقوي لديهم الرغبة في تنفيذ ما هو مثلها .. اعتقد ان مخاوفي هذه موجودة بشكل او بآخر عند كل ام وكل اب واعتقد ان دورا هاما للمختصين في كل مجالات الطفولة يجب ان يلعبوه ، اخبرونا كيف نقف امام المد ونقاوم الطوفان ، اخبرونا كيف نحمي فلذات اكبادنا من الرعب القادم من كل الشقوق .. الحقيقة انا لا جواب لدي فهل لدى أحدكم جواب ؟