فيما كان المحور الأساسي لزيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس لمصر ولقاءها الرئيس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ هو بحث الترتيبات الجارية للانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة بدأ الشأن المصري لاسيما فيما يتعلق بانتخابات الرئاسة المقبلة في مصر والتي تجرى في سبتمبر المقبل ملحا على الوزيرة الأمريكية ما يعكس اهتمام إدارة بوش بهذا الموضوع بشكل خاص . في الشأن المتعلق بالانسحاب الاسرائيلي وضمانات نجاح عملية الانسحاب الإسرائيلي من غزة والضفة الغربية في أغسطس المقبل كررت رايس ما سبق أن أعلنته خلال جولتها في (إسرائيل) والاراضي الفلسطينية والأردن من أنها لمست تعاونا كبيرا من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ورغبة حقيقية في تحقيق تقدم في خارطة الطريق مشيرة إلى أن إتمام الانسحاب الاسرائيلي من غزة والضفة الغربية بنجاح كفيل بخلق جو من الثقة والاطمئنان لدى كلا الجانبين . وشددت رايس على ان الجميع ملتزم بتنفيذ خارطة الطريق لأنها الطريقة المثلي للوصول إلى دولتين فلسطينية وإسرائيلية تعيشان جنبا إلى جنب في سلام موضحة ان خارطة الطريق تحظى بدعم الجميع سواء الفلسطينيين أو الإسرائيليين والمجتمع الدولي وأبدت تفاؤلها بأن يسفر لقاء رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس «ابومازن» مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون اليوم اليوم عن مزيد من التقدم . وفي الشأن المصري أكدت رايس أن الولاياتالمتحدة تنظر إلى مصر باعتبارها دولة رائدة في المنطقة وذات أهمية كبرى وتثق في أن الانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر ستكون حرة ونزيهة . وقالت رايس خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية أحمد أبو الغيط في شرم الشيخ، عقب لقائها الرئيس المصري حسني مبارك، ان خطوة تعديل الدستور المصري التي اتخذها الرئيس مبارك من شأنها إقامة انتخابات حرة ونزيهة تتسم بروح المنافسة ويحصل خلالها المتنافسون على حقهم كاملا في وسائل الإعلام وتستطيع المعارضة التعبير عن رأيها بوضوح . وأكدت أن العالم كله يتطلع إلى الانتخابات المقبلة في مصر وما ستسفر عنه من نتائج خاصة في ظل الأوضاع المتغيرة في المنطقة التي تلعب مصر فيها دورا كبيرا . وعلق وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط قائلا : «انه ما من أحد لا يرغب في إقامة انتخابات حرة وشفافة في مصر وان الجميع حريصون على ذلك لأنه في مصلحة الجميع» مؤكدا أنها ستكون انتخابات حرة ونزيهة . وحول لقاء الرئيس مبارك ووزيرة الخارجية الأمريكية والموضوعات التي تناولها اللقاء قال أبو الغيط أن المقابلة استغرقت نحو الساعة ونصف الساعة وتطرقت إلى عدة قضايا من بينها القضية الفلسطينية والانسحاب الاسرائيلي المزمع في أغسطس القادم من غزة والضفة الغربية .. وكذلك الشأن العراقي وآخر التطورات الجارية هناك . وأضاف أن رايس ناقشت مع الرئيس مبارك نتائج زيارتها إلى (إسرائيل) والأراضي الفلسطينية خلال اليومين الماضيين كما اطلعت على نتائج الزيارة التي قام بها أبو الغيط إلى (إسرائيل) مؤخرا مشيرا إلى أنها ستتوجه «الثلاثاء» إلى العاصمة البلجيكية بروكسل حيث تلتقي خافيير سولانا الممثل السامي للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة بالاتحاد الأوروبي كما يتوجه هو أيضا إلى هناك حيث يلتقي كوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة في إطار التباحث حول القضية العراقية . وأكد أبو الغيط أن التشاور المصري الأمريكي مستمر بصفة دائمة حول قضايا المنطقة وان مصر تتلقى بصدر رحب آراء الإدارة الأمريكية حول بعض المشكلات القائمة، كما تسعد بالإجابة عن بعض الأمور التي تقلق أمريكا ودول المنطقة بشكل عام . وكان أبو الغيط عقد جلسة مباحثات مع رايس قبيل لقائها الرئيس مبارك الذي التقاها فيما بعد في شرم الشيخ فور وصولها في زيارة استغرقت عدة ساعات في إطار جولة في المنطقة شملت حتى الآن الاراضي الفلسطينية و(إسرائيل) والأردن وانضم إلى المباحثات أعضاء وفدي الجانبين المصري الذي ضم أحمد أبوالغيط وزير الخارجية والوزير عمر سليمان في حين ضم الوفد الامريكي السفير ديفيد وولش مساعد وزير الخارجية الأمريكية إلى جانب المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية . وكانت رايس دعت سوريا إلى «ان تأخذ بجية التغييرات التي تجري في المنطقة» بعد لقاء مع الرئيس المصري حسني مبارك. وقالت رايس في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيرها المصري احمد ابو الغيط في شرم الشيخ «قد كانت الولاياتالمتحدة واضحة للغاية بشان قلقها من السلوك السوري ونريد ان تاخذ سوريا بجدية التغييرات التي تجري في المنطقة». واضافت «يجب ان توقف سوريا دعمها للتنظيمات الرافضة للتسوية في النزاع العربي-الاسرائيلي»، مشيرة إلى حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين ومؤكدة انها ما زالت لديها مكاتب في سوريا. وتابعت «يتعين على سوريا ان تسيطر على حدودها وان تتاكد من ان حدودها لا تستخدم من قبل متمردين في العراق». والقت على سوريا مسؤولية اخرى في مشكلات المنطقة اذ اكدت انها لم تسحب بشكل كامل قواتها ورجال امنها من لبنان. وقالت «ينبغي على سوريا ان تفي بشكل كامل بالتزاماتها بموجب قرار (الاممالمتحدة) 1559 بشان لبنان فالشعب اللبناني يبدي رغبة في ان يكون له مستقبل مختلف تماما عما عاشه خلال الثلاثين سنة الاخيرة». وألقت رايس أمس في الجامعة الأمريكية في القاهرة محاضرة سياسية تمحورتها حول الديموقراطية والاصلاح قبل ان تلتقي شخصيات من المعارضة المصرية ومن منظمات حقوق الإنسان. ومن بين الذين التقتهم رايس رئيس حزب الغد ايمن نور ونائب رئيس حزب الوفد الليبرالي المعارض منير فخري عبدالنور ونائب رئيس حزب الغد رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان هشام قاسم ورئيس مركز القاهرة لحقوق الإنسان بهي الدين حسن. وأكدت حركة (كفاية) ان منسقها جورج اسحق دعي إلى اللقاء مع رايس ولكنه اعتذر عن عدم تلبيتها. ووجهت رايس أمس الاثنين نداء ملحا من أجل تغييرات ديموقراطية في الشرق الاوسط واكدت للقادة العرب ان «الخوف من الخيارات الحرة لا يمكن ان يكون بعد الان مبررا لرفض الحرية». ووجهت رايس هذا النداء في محاضرة تلقيها في الجامعة الاميركية في القاهرة بعيد الظهر ووزعت وزارة الخارجية الاميركية مقتطفات منها على الصحفيين. وقالت رايس، وفق نص المحاضرة التي دعي إلى حضورها الف شخصية مصرية، «اننا نساند التطلعات الديموقراطية لكل الشعوب». واضافت «في مختلف انحاء الشرق الاوسط لم يعد ممكنا بعد الان ان يكون الخوف من الخيارات الحرة مبررا لرفض الحرية». وتعد هذه اشارة قوية إلى ان الولاياتالمتحدة لم تعد تقبل بحجج الحكومات العربية التي تلوح بخطر وصول تنظيمات اسلامية او قومية متشددة إلى الحكم في حال اجراء اصلاح ديموقراطي جذري في العالم العربي. وقالت رايس «هناك من يقولون ان الديموقراطية تقود إلى الفوضى والصراع والارهاب والحقيقة ان العكس هو الصحيح: ان الحرية والديموقراطية تشكلان الفكر الوحيد الذي يملك قوة التغلب على الكراهية والانقسام والعنف». ولكنها اكدت استمرار معارضة الولاياتالمتحدة لمشاركة حركات اسلامية في العملية السياسية مثل حزب الله الذي حقق نجاحا ملحوظا في الانتخابات اللبنانية الاخيرة وحماس التي يتوقع ان تحقق كذلك نجاحات خلال الانتخابات التشريعية الفلسطينية المقبلة. وقالت «ان النظام الديموقراطي لا يمكن ان يعمل اذا كانت بعض المجموعات تضع قدما في الساحة السياسية والقدم الاخرى في معسكر الارهاب».