الرياضة أصبحت حاضراً صناعة، لذا لم تعد متابعتها مقتصرة على الرياضيين، هناك آخرون ليسوا بالوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات كبيرة ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها حديثاً أو منذ فترة. الرياضيون يحظون بنصيب الابن المدلل والمبدعون يحلمون بشيء من دلالهم المفرط الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه «دنيا الرياضة» عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد، وضيفنا اليوم الدكتورة والشاعرة والكاتبة الإماراتية عائشة البوسميط. • الدكتور عائشة البوسميط تتجاوز التعاطي مع الرياضة من بوابة المتابعة والممارسة إلى دور المسؤولية كنائب للرئيس ومديرا لمؤتمر دبي الرياضي الدولي في مجلس إدارة في مجلس دبي الرياضي، ماذا يعني ذلك لامرأة خليجية؟ - أؤكد دائما وما زلت بأنني إدارية رياضية أكثر مني رياضية بحتة تغوص في عمق بحر الرياضة في ملاعبها، لذا أوكلت لي مهمة مؤتمر دبي الرياضي الدولي الذي يعنى بشؤون الاحتراف الرياضي، وسعيت لأن أحمله لبر النجاح، وقدراتي إنسانية أكثر منها قدرات امرأة أو رجل، ولو نظرنا لها بعيون عربية.. نعم لدينا كنساء خليجيات القدرات للتجديف بالسفينة لبر النجاح. • في وقت لا زالت فكرة ممارسة المرأة للرياضة؛ لاسيما في المنافسات الرسمية محل أخذ ورد خليجياً تدفعين من جهتك بالمرأة الإماراتية إلى أبعد الآفاق في حضورها الرياضي، فكيف استطعتِ القفز على هذا (التابو) الاجتماعي على أقل تقدير؟ - أعتقد بأن ممارسة رياضة المرأة ضمن إطار العادات والتقاليد وفق إطارها المقبول اجتماعيا مقبول ضمن إطار النسيج الاجتماعي؛ لكنني لا أخفيك القول بأن دوري كان من خلال رئاستي للجنة رياضة المرأة للفترة السابقة في دبي، وعضويتي السابقة أيضاً في لجنة كرة القدم النسائية في الإمارات؛ لكنني أسعى من خلال عضويتي في لجنة الرياضة على مستوى دولة الإمارات أن أدعم المرأة في كل قراراتها لتأخذ مكانتها على خارطة العمل الرياضي. • يبدو واضحاً أن دورك الرياضي لا يقف على ممارسة الرياضة من زاوية الهواية وحسب، وإنما تدفعين باتجاه الاحتراف الرياضي، وهو ما يبدو لافتاً في دورك كنائب لرئيس اللجنة المنظمة لمؤتمر دبي الرياضي وكمدير للمؤتمر، وهو ما يتناقض مع الصورة النمطية للمرأة الخليجية؟ - صحيح؛ لكن القيادة لمن يملك قدرات الإدارة خاصة في مجال تخصص المؤتمرات التي تحتاج للالتفات للكثير من التفاصيل التي تستطيع المرأة النظر إليها بقدرات تتجاوز الشكل التقليدي، وهذا ما أثبته وجودي كمدير للحدث على مدار كل هذه السنوات وكوني نائباً للرئيس ومديرا للحدث في هذا العام. • من سقراط إلى زيكو ثم زين زيدان فكابيلو وقريباً ميشيل بلاتيني وقبله شخصيات رياضية عالمية حضرت لمؤتمر دبي الدولي الذي تضلعين بمسؤولية مباشرة فيه، فإلى أين تتجه بوصلة دبي الرياضية تحديداً من وراء هذا الحضور العالمي؟ - ما نسعى إليه هو مؤتمر يؤسس للاحتراف الرياضي الذي من خلال موضوعاته بالشؤون الرياضية، وسنسعى دائما لجلب الشخصيات الرياضية التي تستطيع إيصال رسالتنا، فالمؤتمر يكبر عاماً بعد عام، وتوصياته تحقق أهدافه، وتترك بصماتها على الواقع الرياضي. • حتى اللحظة لا زال المجتمع السعودي يعيش مخاضاً عسيراً إزاء قرار اللجنة الأولمبية الدولية بحتمية تمثل الدول بالعنصر النسائي في أولمبياد لندن، في حين خطت الفتاة الإماراتية خطوة متقدمة في المشاركة النسوية بحيث أصبحت تتمثل في معظم الألعاب، فكيف تنظرين لهذه المفارقة؟ - المجتمع الخليجي بشكل عام يخطو خطوات خجولة في شأن مشاركة المرأة في البطولات الرياضية لكنه يتفاوت في ذلك بناء على واقعه الاجتماعي، وعليه فما زالت مشاركة المرأة الخليجية تسعى للظهور من خلف الستار حسب الجهود والنوايا والدعم المساند لذلك. • أصبح للإمارات منتخب للسيدات في كرة القدم ويشارك في بطولات دولية كبرى، فما هي الطموحات التي ترسمونها لهذا المنتخب؟ - كوني عضواً سابقاً في لجنة كرة القدم النسائية أعلم جيداً الجهود المبذولة في شأن الدفع بالكرة النسوية والطموحات التي تقف وراء ذلك؛ لكن الإجابة في ملف اللجنة! • عائشة البوسميط امرأة نخبوية من حيث كونها أستاذة جامعية، ومسؤولة حكومية، وكاتبة وشاعرة، ألم تخش في لحظة أن تخدشي نخبويتك بولوجك لعوالم الرياضة بوصفها لعبة الطبقة الشعبية في المجتمعات كما ينظر لها بعض النخب؟ - بالتأكيد عالم الشعر، والكتابة، والتدريس الجامعي يقف متفرجاً على الضفة الأخرى من عالم الرياضة؛ لكنني أعلم بأنني أملك قدرات مختلفة، ومتنوعة لا يملكها غيري ولها جمهورها الداعم، ولاشك بأن الرياضة لها جمهور يختلف في طبيعته مع جمهور الكتابة. لا فرق بين هدير مدرجات الشعر والرياضة فكلاهما ممزوج بموسيقى الحزن والفرح • إلى أي مدى تأثر إحساس الدكتورة عائشة البوسميط بوصفها شاعرة مرهفة بعد دخولها دهاليز الرياضة وتعقيداتها؟ - سؤال جميل، جميل، جميل، فعالم الرياضة كله حكايا لا تنتهي، وسياسة من نوع آخر، وعالم الشعر كله بياض، وبساط سحري أعشقه. • في وقت تأنف بعض المنشغلات بالأدب من وسم أدبهم ب"الأدب النسوي" بما فيه من إقصائية ومصادرة للإبداع بوصفه إنسانيا، كيف تنظرين لمسمى "الرياضة النسوية"، وأنت المنشغلة بالجانبين؟ - الأدب إنساني لا شك، أما الرياضة فهي نسوية، وتعيش في عالم يبحث عن وجوده الحقيقي. • كشاعرة ومسؤولة رياضية تحضر في مدرجات جماهير الشعر والرياضة، لا بد وأن نحاصرك بالسؤال عن أي المدرجين أصدق في هديره؟ - لكل منهما هديره وموسيقاه التي تطرب جمهوره المختلف في اهتماماته، ويبقى هدير الشعر صوت لألم الشعوب وفرحها، ربما في بعض الأحيان بينما يبقى هدير الرياضة صوت المرح حتى في حزنه. • في حين يرى المفكر الإيطالي إمبرتو إيكو كرة القدم مؤامرة كبرى وأفيوناً للشعوب، يراها الشاعر الفلسطيني محمود درويش شرف الحرب، فكيف تقرأين هذا التباين كمثقفة ورياضية؟ - إن كانت الرياضة يوماً أفيوناً للشعوب ومؤامرة كبرى فهي نتيجة لمواربة بين قطبين تكلل خطوات أحد الأطراف بالفوز بحرب محمودة والبقاء للأقوى. • في مدينة دبي تبرز العديد من الأندية لكن تظل أندية الأهلي، والشباب، والوصل، والنصر، فأي من تلك الأندية يتربع في قلب عائشة البوسميط المشجعة لا المسؤولة؟ - لكل منها مكانته لدي، وعندما أسال أي الفرق أشجع أفضل القول الفريق الفائز؛ لأنني مسؤولة، ولست مشجعة لفريق على حساب الآخر، وأعتقد بأن الإدارة الناجحة سواء للفريق أو النادي تؤدي حتماً لنجاح الفريق. • من عدنان الطلياني، وفهد خميس، إلى إسماعيل مطر، وحاليا أحمد خليل يبسط لاعبو كرة القدم نفوذهم على المشهد الإعلامي والجماهيري في الإمارات.. ألا يصيبكم كمثقفين ومبدعين بشيء من الغيرة وأنتم تحققون ما تحققونه في مجالاتكم؟ - الكرة وأبطالها ينالون نصيب الأسد، ولا شك ولكننا نتمنى أن ينال المبدعون والمثقفون بعضاً من هذا الاهتمام المفرط ولا شك. • تلمس حالة إحباط عربية وخليجية لدى المثقفين في مقابل الرياضيين من جهة الدعم الحكومي، فإلى أي مدى تلمس هذه الحالية إماراتياً كونك إماراتية وتطرقين الجانبين الثقافي والرياضي؟ - تنال الثقافة من الاهتمام ما تناله؛ ولكن شعبية الرياضية الكبيرة تفرض وجودها كابن مدلل. • لو شكلنا مجازاً منتخباً خليجياً من الشاعرات، وكان لك الخيار في ترشيح مدير للمنتخب، ومدرب له، وقائد عليه، فمن ستختارين؟ - بقدر صعوبة أسألتك سأجيبك!، إن جاز التعبير سأرشح الشاعرة المتميزة ووليدة العصر الذي لم يأت بعد "عوشة بنت خليفة" لتدير بشعرها هذا العالم.