ما حدث ويحدث لرئيس الوحدة السابق جمال تونسي هو بمثابة اغتيال رياضي، فأن يدفع للاستقالة أول مرة وهو الرئيس المنتخب، ثم يحرم هذه المرة من ممارسة أي نشاط يتعلق بكرة القدم لمدة خمسة أعوام؛ فليس لذلك معنى سوى أن ثمة (فرمان) أصدر لوضع حد لوجوده على الساحة الرياضية. حين أقول بأن قرار لجنة الانضباط الذي حمل الرقم 100 هو بمثابة عملية اغتيال رياضي، فلست أقول ذلك اصطفافاً مع التونسي، ولا تحيزاً للوحدة، وأنا الذي ارتأيت في رؤى سابقة لي بأن الأحداث التي صاحبت مباراة فريقه الشهيرة في العام الماضي أمام التعاون والتي أدت لكل تلك الزوبعة كانت توحي بالتعمد، لكنني لا أجد أي غضاضة في القول الآن بأن القرار الأخير هو بمثابة تصفية للتونسي من الوجود رياضياً. ما يبدو على إثر البيان الذي أصدرته لجنة الانضباط، وبما حشر فيه من مواد ولوائح منتقاة بعناية فائقة لاصطياد الرجل، وبما ضمه من مفردات خطيرة موغلة في التنكيل به، وبما زج فيه من تحليلات انطباعية تكرس للاستعداء عليه، أن ثمة من أراد توجيه طعنة نجلاء لا يقوى على القيام منها أبداً عقاباً له. ما حواه البيان لا يجرم التونسي رياضياً وحسب، بل يجرمه اجتماعياً ووطنياً، وكيف لا يكون ذلك؟!، وهو الذي جاءت تصريحاته "مضرة باللحمة الوطنية، والصالح العام، وتنمي الفكر العنصري، والمناطقي في عقول النشء" كما جاء نصاً في البيان، وكل اتهام من هذه الاتهامات يمس مواطنية التونسي لا دوره الرياضي، فرجل بهذا الفكر المريب، وبهذا التعاطي الخطير عطفاً على البيان ينبغي محاسبته خارج دائرة الرياضة لأنه يعد خطراً على المجتمع. البيان بمفرداته ومضامينه وتوقيته وبما حواه من عقوبة يعد سابقة من نوعها، مثلها مثل سابقة التونسي حينما تجرأ في تسجيل أول حادثة من نوعها في الرياضة السعودية بتقدم شكوى ضد اتحاد الكرة في محكمة (الكاس) الدولية احتجاجاً منه على القرار الشهير للجنة الانضباط الذي أدى لتهبيط فريقه للدرجة لأولى في العام الماضي، ويبدو لي أن هذه بتلك، وما أعنيه بوضوح أن القرار بدا وكأنه بمثابة ضريبة يدفعها التونسي لتجرؤه على الشكوى، أولا، ثم لتجرؤه على التصريحات الإعلامية، والتي بدت كإمعان منه في التحدي. تونسي الذي استقبل القرار بتحدّ أيضاً أعلن وفي غير وسيلة إعلامية بأنه لن يدفع الغرامة المالية، ولن يستأنف القرار لدى لجنة الاستئناف في اتحاد الكرة بل سيصعد الأمر لمقام الملك، لان الأمر في نظره تجاوز العلاقة الرياضية بينه وبين المعنيين بأمر القرار، وهو تحدّ صارخ، وهو ما يعني أن الأمر وصل بين الطرفين لمرحلة كسر العظم، والأيام حبلى بالكثير، خصوصاً وقد دخل الطرفان في مناطق غاية في الخطورة.