منطقياً الأمر لا يعد مفاجأة لكنها تعتبر كذلك بلغة الأرقام قياساً على وضعه في سلم الترتيب قبل نهاية الدوري بخمس جولات، باختصار هذا هو حال صعود الوحدة لدوري "زين" السعودي للمحترفين، فالفريق الوحداوي عندما سحبت منه ثلاث نقاط بقرار انضباطي بتهمة التلاعب في نتائج المباريات وهو القرار الذي أدى إلى هبوطه لدوري الدرجة الأولى كان من المتوقع أن لا يستمر تواجده في دوري "المظاليم" لأكثر من موسم عطفاً على إمكانات الفريق في الموسم الماضي وهي الإمكانات التي أوصلته لنهائي كأس ولي العهد وللدور نصف النهائي من مسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال، لكن على أرض الواقع كان الحال مغايراً إذ كاد الفريق أن يخسر فرصة الصعود للدوري الممتاز لكن انتفاضته في الجولات الخمس الأخيرة ونتائج المباريات الأخرى ساعدته على تحقيق "حلم" جماهيره بالصعود. علي داود حل أزمة عبدالخالق برناوي وحرص على تآلف الوحداويين صدمة قرار الهبوط ما بين المحكمة الرياضية الدولية بلوزان السويسرية ولجان اتحاد القدم انشغلت إدارة جمال تونسي عن إعداد الفريق لدوري الدرجة الأولى، ليس ذلك فحسب بل أن صدمة قرار الهبوط نالت من اللاعبين إذ انطلقت التدريبات وسط غياب معظم اللاعبين ولم يتدرب مع المدرب الوطني في ذلك الوقت تركي سبأ سوى عدد قليل من اللاعبين لا يتجاوز أصابع اليدين، أحضرت إدارة الوحدة السابقة المدرب المغربي محمد فاخر إلى مكةالمكرمة للاتفاق معه على تدريب الفريق ووافق على ذلك شريطة أن يكسب النادي قضيته مع اتحاد القدم، ويلعب في الدوري الممتاز، وعندما علم المغربي محمد فاخر بخسارة الوحدة قضيته عاد إلى بلاده رافضاً توقيع العقد. فرحة جماهيرية وحداوية في ملعب الرس استسلم الوحداويون للأمر الواقع وكثفوا عملهم استعداداً لدوري "المظاليم"، تعاقدت الإدارة مع المدرب الصربي دراجان وقررت إقامة معسكر إعدادي في الطائف قبل انطلاق الدوري بعشرة أيام تقريباً، اللاعبون أيضاً رضخوا للواقع فعادوا للتدريبات وبدأ الاستعداد الحقيقي للموسم الجديد، فخاض الفريق الوحداوي مباراة ودية وحيدة في الطائف كانت أمام وج وكسبها بهدفين نظيفين. دوري الوحدة البداية الوحداوية في دوري الدرجة الأولى كانت قوية إذ كسب الفريق مباراتيه الأولى مع الصقور والثانية مع الباطن، ودخل بعدها في نفق التعادلات مع النهضة والشعلة والجيل وحطين إذ وضح تأثر الفريق بما حدث من تغيير إداري في صفوفه عقب استقالة جمال تونسي وأعضاء مجلس إدارته وتعيين علي داود رئيساً للنادي، وعلى إثر تلك النتائج قررت الإدارة الوحداوية برئاسة علي داود إقالة المدرب الصربي دراغان والتعاقد مع المدرب التونسي عادل الأطرش، وكلفت الوطني بدر هوساوي بقيادة الفريق تدريبياً في مباراة أحد التي كسبها قبل أن يخسر من ضمك. وحداوي يطبع قبلة على جبين المصري بشير عبدالصمد بعد تسلم علي دواد رئاسة النادي نجح في احتواء أزمة لاعب الوسط عبدالخالق برناوي الذي اختلف مع الإدارة السابقة وغادر للاحتراف في البرتغال إذ استطاع داود بحنكته الإدارية أن يعيده مجدداً إلى صفوف الفريق وهي الخطوة التي كانت بمثابة بطاقة عبور علي داود إلى قلوب الوحداويين، ولم يكتف علي داود بذلك بل استطاع أن يجمع الوحداويين على قلب واحد من خلال عقده لعدد من الاجتماعات مع شرفيي النادي ومحبيه وتقريب وجهات النظر بينهم. ظلت نتائج الوحدة في دوري الدرجة الأولى مع المدرب التونسي عادل الأطرش على ما هي عليه متذبذبة بين التعادلات والخسائر وقليلاً من الانتصارات وهي النتائج التي تسببت في تراجع ترتيب الفريق إذ أعادته للمركز السادس، وبدأت المطالبات الجماهيرية تزداد بعد كل مباراة بإقالة المدرب مع إصرار الإدارة على منحه الفرصة الكاملة حتى خسر الفريق على أرضه وبين جماهيره من الشعلة 4-6 إذ كانت تلك الخسارة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وما زاد الطين بله أن الأطرش اعتدى عقب المباراة بالضرب على لاعب الفريق عبدالعزيز الكلثم، واتخذت في حينه الإدارة قراراً بإلغاء عقد الأطرش. "المنقذ" بشير عبدالصمد تعاقدت الإدارة مع "المنقذ" المدرب المصري بشير عبدالصمد الذي قدم مستويات مميزة مع الفريق الوحداوي الأولمبي في كأس فيصل بن فهد وفي مسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال، وكان أول قرار لهذا المدرب بمثابة المفاجأة التي أعلن تحمل مسؤوليتها كاملة عندما قرر استبعاد عدد من اللاعبين الأبرز في صفوف الفريق ومنح الفرصة لعدد من الأسماء الشابة، واستبعد عبدالصمد المدافعين ماجد بلال وسليمان أميدو ولاعبي الوسط خالد الحازمي وماجد الهزاني وأحمد الموسى نهائياً من تشكيلة الفريق التي نوى أن يكمل بها موسمه. عبث المدرب التونسي عادل الأطرش بالوحدة صعب من مهمة المدرب الجديد بشير عبدالصمد إذ لم يستطع أن يُصلح بشير ما أفسداه دراغان والأطرش في مباراة أو مباراتين فكانت الخسارة حاضرة من العروبة ثم أحد والتعادل حضر مع الطائي فكانت تلك النتائج مؤشر خطير على بقاء "الفرسان" موسماً آخر في دوري "المظاليم" وهو الأمر الذي لم تتقبله الجماهير الوحداوية نهائياً لكنها استسلمت له بمنطقية لكون فرق المقدمة ابتعدت بفارق نقطي كبير عن فريقها مع تبقي ست جولات. مرحلة الحسم الجولات الخمس الأخيرة كانت تحمل أخباراً سعيدةً للوحداويين فالعمل الكبير والإعداد الرائع من المصري بشير عبدالصمد بدأ يظهر بشكل واضح إذ استعاد الفريق نغمة الانتصارات مع تساقط فرق المقدمة وإهدارهم مزيداً من النقاط جولة تلو الأخرى والحديث عنها عن الطائي والحزم والنهضة، وهو ما دفع بالوحدة لوصافة الترتيب قبل نهاية الدوري بثلاث جولات وبصعوبة بالغة حافظ على الوصافة حتى أعلن الحكم مرعي عواجي صافرته معلناً فوز الوحدة على الحزم وتأهله رسمياً إلى دوري "زين" السعودي للمحترفين. الوحدة بتأهله للدوري الممتاز عاد إلى مكانه الطبيعي الذي اعتدنا أن نراه فيه وتلك العودة ما هي إلا ترجمة لمجهودات إدارية وفنية ومجهودات لاعبين داخل المستطيل الأخضر وما يأمله الوحداويون هو أن يكون الإعداد للموسم المقبل مختلفاً عن المواسم الماضية سواء على صعيد المعسكر أو التعاقدات المحلية والأجنبية حتى لا يصبح فريقهم استراحة لبقية الفرق، ففي ظل وجود شخصيتين بحجم الأمير خالد الفيصل ورجل الأعمال صالح كامل على هرم البيت الوحداوي تطمح الجماهير لرؤية فريق قوي وعنيد يقارع خصومه ويتغلب عليهم وينافس على مراكز المقدمة لاسيما وأنهم استبشروا خيراً بالتصريح الذي أدلى به أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل عندما تمنى أن يكون الصعود للدوري الممتاز هو الانطلاقة نحو موقع مميز للفريق محلياً وعربياً وعالمياً.