سياسة إسرائيل أكثر وضوحاً من أمريكا، فهي مستمرة بالاستيطان، وتقاوم أي مساندة للقضية الفلسطينية، وعندما خطب «نتنياهو» أمام الكونغرس صفق له الأعضاء ضعْف ما صفقوا للرئيس، وهي الموجّه للسياسة الأمريكية في المنطقة بدءاً من التسلح الإيراني، وحتى الصمت على ما يحدث في سورية. أمريكا تخاطب العرب، سواء حكومات ما قبل الثورات، أو ما بعدها، بإملاءات ومساومات، متخطية أعراف التقاليد الدبلوماسية في العلاقات، والسبب أن أعضاء الجامعة العربية منذ النكبة الفلسطينية، وإلى اليوم، أرضعوا أجيالهم الهزيمة السياسية والعسكرية والنفسية، والعامل الأهم أن الحكومات تأتي بمواصفاتها حتى زمن اتجاه البعض لليسار والذهاب إلى الاتحاد السوفياتي، كانت المباحثات السرية تجري، وبدون قطيعة مع الدولة الإمبريالية الكبرى.. الآن، المنطقة العربية واقعة أمام ثلاثة محاور وكلها أقوى منها، وكل يعدّ خرائطه للتركة الجديدة، صارت إيران تحاور الغرب من مركز قوة حول سلاحها النووي، والصفقة معدة للتوقيع، وبالتأكيد إسرائيل هي الحاضر الأول في الرفض والموافقة، والكاسب من الطبخة، بينما العرب، وهم الذين يشعرون بالخطر، هم المستهدفون لأن إيران، إذا ما انتهت أزمتها مع الغرب، فهي الحليف الجيد في المستقبل البعيد لاستعادة التجربة مع الشاه حين نصبته أمريكا شرطيّ الخليج العربي وحائط الصد أمام المطامع السوفياتية، والبداية بدأت مع تسليم العراق لها، والتعاون التام تجاه أفغانستان، ثم مد الخطوط مع إسرائيل ليعود الطوق الثنائي حول العنق العربي كحقيقة، ولينهي أي شيء اسمه فلسطين، وفرض الأمر الواقع، ثم الاعتراف الكامل بالكيان الصهيوني، وإيران قوة إقليمية.. دعونا نرجع لأقرب مشروع عربي تجاه ليبيا حينما طالبوا بالتدخل في إنهاء حكم القذافي، فكان هذا الموقف ذريعة للتدخل وحسم الموقف نهائياً، بينما عندما قُدم نفس المشروع لسورية، علق بين الرفض وتمييع المواقف، وهنا ابحث عن السبب، هل ما جرى من تردد تركيا، والصمت على دعم إيران لنظام الأسد صفقة أخرى لصالح إيران، لتمرير الهلال الشيعي أمام المد السني، سواء ما جاء قبل الربيع العربي، أو ما بعده؟! فتح العيون على ما يجري من خطط لرسم خرائط المنطقة وهذه المرة بين تآلف روسي، صيني، إيراني، مقابل أمريكي، أوروبي، إسرائيلي، وعدم استبعاد تركيا من الصفقة، يضع العرب أمام مواقف لا خيار لهم فيها، فالمستقبل غامض وسط أوضاع عربية داخلية أنتجت ضعفاً جديداً ومخيفاً.. فاليمن على خط الانقسام، وكذلك ليبيا، والسودان، والعراق، وسورية ستلحقان بإيران وتركيا، وتهويد فلسطين يجري في الاتجاه الممنهج، ودول الخليج العربي هدف لوضعها بين الحوثيين، والقاعدة في اليمن، وإيران، والقراءة الصحيحة لما يجري، لا نراها على أجندة أي دولة عربية، عدا المملكة التي تتحرك بنفس قومي لكنها يد واحدة لا تستطيع أن تصفق!!