قرر أن يلغي الناس.. يمتنع عن التعاطي معهم كان حقه الذي لا جدل فيه لم يخش تفاصيل ذلك العالم المتدثر هناك قريباً منه بنصاله التي قد تتكسر عليه ولم يهبْ تلك الفكرة المجنونة التي أبعدت عنه الرفاق فمنذ زمن وهم يتعاملون معه وكأنه غيمة منسية، أو وطن خال من الحياة حاول كثيراً اختراع حياته وحياتهم وحاول كثيراً أن يضع قانون تحريك المشاعر الخاصة وحاول أن يتسرب إليهم بلحظات سارية المفعول اقترب ولكنه استشعر أن الاقتراب به من فوائض الشقاء أكثر من لذة المتعة. ابتعد فآلمته مرارة بدء المحاولة مرة أخرى تفهم حق الآخرين فيما يريدون ولكن لم يتفهم حقهم في التواطؤ سوياً في تغييب حقه ليس هناك قانون حاكم ينظم تلك الفوضى القائمة وليس هناك حكم ضد من يتعمد توزيع حبات المرارة المحسوسة ما يشعر به ليس افتراضياً.. وليس خاطرة مؤقتة وليس تآلفاً بين أوجاعه وتنافسها مع آلام الحياة ليملي عليه الاثنان مرارة واحدة ترفض التناوب في الحضور وتصر بعقيدة متماسكة على المداومة الأزلية. * * * منذ زمن وهو يبحث عن تسمية لما تفيض به روحه تعثر.. وفقد جزءا كبيرا من تفكيره أذكى في داخله مسؤولية أن يظل وحيداً متخادعاً مع ما يريد، مستمتعاً بالفوز قصير المدى ذات يوم قال له أحدهم انت ترتكن على حافة العالم البعيد لك أن تفهم.. وبإمكانك أن تستوعب إن أردت لم يرغب أن يحكي عن قانونه الذي يرضيه، ويريد أن يسنّه خطر له.. لكن لم يجرؤ على طرحه بعد أن اعتقد سابقاً انه ليس خياراً لتلك المرحلة التي بدت له وكأن ما يجري فيها يمكن قبوله أو تفسيره أو التعاطي معه..! قرر أن يتغير.. قبل زمن طويل من تغير ذلك الفراغ المستديم لم يشأ ان يعطي مهلة تظل أيامها تستظل بألق الانتظار الباهت وما لم يمكن أن يتحقق.. قرر أن يكسر حواجز وهمية تشبع بها وأغرقت رئتيه شعاراتها بقانون البقاء في مكانه. ليست القوانين فقط من يضعها المشرعون للعامة، بل هناك قوانين نصنعها نحن.. تصنعها اللحظة الفارقة.. وتنشأ عليها أحياناً.. لا تحتاج ابتكارات.. ولا دستوريين، ولا مراجعة فقط تحتاج ضبط إحساسك على ما تريد، ورؤية كل شيء. لامس نقطة التوقف والنظر إلى الأشياء بهدوء لبلوغ السكينة المتاحة والاستسلام لها. قرر أخيراً بأن هناك ثمة حياة من دون الآخرين وسيستمرئ من خلالها التطلع إلى الأمام بإحساس يحثه على الأمل، والحياة التي تستحق أن تنتسب إليها..