يقول حسن بن أمين محمد العلي، مؤلف كتاب "دراسات وحقائق في شمال غرب المملكة العربية السعودية" : إن الجزيرة العربية تفخر بتاريخها الطويل الممتد في أعماق الزمن العصيب، حيث عاشت على أرضها أمم خلدت آثارا وتاريخا.. وتعاقبت عليها أجيال وتوارثها العرب من آلاف السنين، فلقد شهدت أرض الجزيرة تاريخ العرب الطويل المليء بالتراث والأحداث التي لم يشهد مثلها في أي جزء من قارات الدنيا بأسرها، فسادت حضارات وبادت أخرى، ولعل أنبل وأسمى تلك الحضارات التي انبثقت منذ بعثة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في هذه الجزيرة ليبلغ رسالة التوحيد، ويحمل مشعل الهداية والعلم والمعرفة والأمن والرقي، ليضيء بها كافة أنحاء المعمورة. وفي سياق حديث الكاتب عن شمال غرب المملكة يمضي قائلا: أرض شمال الجزيرة العربية لها تاريخها الطويل، وأيامها الحافلة بالأحداث ، وأرضها المليئة بالتراث، وطابعها المميز لها على باقي أجزاء الجزيرة العربية.. هذا ما دفعني أن أعيش السنين الطوال باحثا عن حقائق تاريخ الشمال بين أمهات الكتب والمراجع، متنقلا بين آثار الأمم السابقة التي شاء الله - سبحانه وتعالى - أن تعيش في هذا الجزء من الجزيرة العربية، وظلت آثارها باقية لتخلد للتاريخ، ولتكون عبرة لأبناء الأجيال القادمة.. وكانت حصيلة هذا الجهد هذا الكتاب الذي توخيت فيه البحث العميق، والدراسة والمناقشة المفيدة، والآراء الحديثة عن المنطقة تاريخا وأرضا، راجيا أن أكون قد وفقت فيما هدفت إليه، وأن تكون ثمار جهدي المتواضع حصيلة نافعة تعود بالفائدة على كل باحث وقارئ ودارس. حسن العلي: هذا ما دفعني لسنين من البحث في ذاكرة هذا المكان! لقد جاء الكتاب من القطع الكبير يحتوي على ثلاثة أبواب، ضمن المؤلف كل منها جملة من المباحث التي تتبع فيها الباحث بمنهجية علمية هذا الجزء من الجزيرة العربية، متخذا من المجعية مستندا يناقش به ذاكرة المكان بين الآراء حينا.. وبين الآثار وما تبقى من شواهدها ومعالمها حينا آخر.. إذ جاءت الأبواب الثلاثة، إلى جانب ما تضمنته من فصول، عبر تمهيد أراد من خلاله العلي أن يقدم ربطا لموضوعه على الرغم من إشارته إلى أن هذا مما هو سائد في كتب التاريخ والتراث لدينا، إلا أن تمهيده جاء من قبيل المختصر المفيد بين يدي الأبواب التي طرقها في هذا الكتاب، والتي استعرض المؤلف خلال تمهيده أهل البادية في الجزيرة العربية وأحوالهم ومواطن إقامتهم، والمناطق التي هاجروا إليها، والتي من خلالها ينتقل عبر الباب الأول إلى أهم الأماكن وأبرزها في شمال غرب الجزيرة العربية التي شهدت تلك الحضارات وخلدت بها العديد من الآثار، زالتي ما تزال العديد من شواهدها باقية حتى يومنا هذا، مما لا يزال المكان ينبئ به عن تلك الحضارات البائدة من خلال الرسوم والنقوش والمباني والطرق وشواهد القبور التي تأتي في جملتها بمثابة جمل تاريخية تحرض الباحثين على قراءتها واستنطاق كنهها من خلال ذاكرة المكان، الذي شهد قيام العديد من الحضارات التي تعاقبت في قيامها في المكان ذاته. لقد قام الباحث بتقسيم الأبواب الرئيسية إلى باب أول جعل عنوانه "جزيرة العرب" أما الباب الثاني فجعله عن "البادية والبدو" وصولا إلى آخر أبواب الكتاب الذي جعل العلي عنوانه" شمال غرب المملكة العربية السعودية" والذي تضمن أربعة فصول جاءت عن الرسل - عليهم الصلاة والسلام - الذين عاشوا في هذا الجزء من الجزيرة العربية، مستعرضا في موضوعين أرض مدين وأرض أصحاب الأيكة، ومنها إلى فصل عن دولة الأنباط، أما الفصل الرباع من هذا الباب فجعله الباحث عن أهم أماكن الشمال والتي أورد منها المؤلف: تبوك، حقل، ضبا، الوجه، تيماء، أملج، الرس، العويند، القرية، بدا، تريم، سرغ، شرما، شغب، شواق .. حيث يستطرد المؤلف ضمن حديثه في سياق هذا التقسيم قائلا: لعلي بهذا الجهد المتواضع، أكون قد قدمت للمكتبة العربية عملا نافعا مضيئا يرضي عنه كل قارئ وباحث في الوطن العربي، كما أرجو من الإخوة القراء والزملاء في سياق هذا المجال من الدراسات والأبحاث المعذرة، فلعل ما قدمته يكون بمثابة المفتاح للباحثين وذوي الاختصاص للكشف عن المزيد من آثار هذه المنطقة.. وقد حفل الكتاب بالعديد من الصور والخرائط التوضيحية والعديد من الأشكال لنقوش أثرية مختلفة.