أكثر من مرة كتبت محذّراً من التوهّم بأن ما يمر بالعالم العربي من قسوة صيف علاقات ومواطنة لا يجوز أن يسمى ربيعاً، ونحن نشاهد نوعيات النتائج.. كرّرت ذلك لأن هناك كثيرين عند غيرنا وقليلين بيننا وأخطر منهم تحركات دعم أو إيحاء أو تدخل غير مباشر من قوى دولية مهمة كي تعم مخاطر الخلافات وعنف التذمر كل أنحاء العالم العربي.. وما كان من العالم العربي متورطاً في هذا الواقع فإن أقلية آمنة بعيدة عنه يُراد لها أن تتورّط فيه.. أجزم أن هناك رغبة دولية غير معلنة في أن يُعاد تشكيل المساحات العربية داخل أُطر سياسية جديدة.. لكن إذا كان أن هناك دولاً عربية نسبة احتياجاتها أكثر من نسبة كفاءاتها وأن مؤلمات فقرها وبطالتها أقسى من محدودية قدراتها فإننا وجميع دول الخليج نختلف عن ذلك كثيراً، لكنْ فرق كبير بأن تطلب حضور مثاليات بالغة الصعوبة في سرعة إنجازها وبين أن تتعامل مع الواقع تقديراً لجزالة ما تملكه وما هو مبذول من أرصدة تطوير اقتصادية وكفاءات متابعة واعية.. هذا ما نقرؤه في صحافتنا المحلية، وهذا ما ندركه عبر تتابع قرارات تحديث التعليم وإشاعة التوظيف ورعاية العجز الاجتماعي، وليس من الخطأ أن نشير إلى أي خلل؛ لأننا نملك وبسهولة إمكانيات معالجة ذلك الخلل.. نحن لسنا مستهدفين من قدرات حكومات عربية، وليس ما هو معيق أي رأي عراقي أو إيراني، لكن ما هو ملاحظ ومتمادى في حجم تجاوزات سخف؛ بل في تغلغل أحقاد تحسد بدو الأمس كيف أصبحوا واجهة حضارية مرموقة.. هؤلاء بعضهم مَنْ يبحث عمّن يدفع له حتى يمدح وبعض آخر منهم هو موجّه أساساً لممارسات هذا الانحطاط السيئ.. كم هو مثير للاشمئزاز أن تلاحظ لغة متحاورين في قناة تلفزيونية غير حكومية.. ثلاثة من ثلاثة مجتمعات عربية لكنهم يلتقون بادعاء أن هذه المجتمعات المتطورة والآمنة أصبحت تعاني من اهتزازت تهدّد استقرارها، ثم تتمادى الوقاحة بالتشكيك في وجاهة أسر حكم عُرفت طوال تاريخها بالأصالة والكفاءة.. وربما كان سيئاً.. أو كان أمراً مساعداً.. أن تراقب حجم محاولات الإيهام والتضليل التي تأتي في مواقع النت.. البعض بأسماء واضحة وبعض آخر بأسماء مستعارة.. الكل ضد الوصول إلى جماعية مذهبية وجماعية عدالة اجتماعية ووضوح مشاريع تطوير ضخمة حيث يريدون البديل خلق مشاكل فرعية لن تقوم لأن وعْي المواطن أرقى وأنبل من مستويات وعْيهم..