نصح وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أمس على الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي "بألا يجازف" بتقديم مشروع قانون جديد عن تجريم انكار "ابادة الارمن" بعد رفض المجلس الدستوري الفرنسي للنص الاول. وقال داود أوغلو في حديث لقناة "ار تي ار" العامة "لقد جازف ساركوزي مرة اولى. وفي حال جازف مجددا سيكون ذلك اعلان حرب على الثقافة الفرنسية والقانون الفرنسي ودولة القانون الفرنسية". واضاف الوزير "في السابق أعلن الحرب على حرية التعبير والتاريخ. الآن سيكون اعلن حربا مفتوحة على المجلس الدستوري". وكان المجلس الدستوري الفرنسي رفض الثلاثاء هذا القانون الذي تسبب بأزمة دبلوماسية بين باريس وانقرة، باعتباره "غير دستوري" لانه مخالف لحرية التعبير. ورد الرئيس نيكولا ساركوزي المرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، بتكليف الحكومة صياغة نص جديد. وذكر داود اوغلو ان التدابير الثأرية التي اتخذت او كان يعتزم اتخاذها ضد فرنسا ستعلق على الارجح. وقال "في حال لم تعد اسباب وظروف تطبيق هذه العقوبات قائمة سيتم بالتالي التخلي عنها". وبعد التصويت على النص، علقت تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي تعاونها السياسي والعسكري مع فرنسا واستدعت سفيرها مؤقتاً. كما هددت بخطوات ثأرية جديدة ضد فرنسا في الميادين الاقتصادية والثقافية في حال مصادقة المجلس الدستوري على القانون. وشدّدت الصحافة التركية على الصفعة التي تلقاها ساركوزي بسبب رفض المجلس الدستوري الفرنسي للقانون. وعنونت صحيفة "خبر ترك" الواسعة الانتشار "المجلس الدستوري يوجه صفعة الى ساركوزي"، في حين ذكرت صحيفة "صباح" الموالية للحكومة ان "ساركوزي تلقى صفعة تاريخية". وترفض تركيا تسمية "ابادة" ولو انها تقر بوقوع مجازر -وتتحدث عن 500 ألف قتيل- في الاراضي التي كانت خاضعة للسلطنة العثمانية التي تعتبر وريثتها. بينما يؤكد الأرمن حصول ابادة سقط فيها 1,5 مليون قتيل أرمني من رجال ونساء واطفال في الاناضول بين العامين 1915 و1917. ورداً على سؤال حول احتمال تغيير أنقرة استراتيجيتها مع اقتراب الذكرى المئوية لوقوع "الابادة" في 2015، قال داود اوغلو "علينا ان نترك القنوات مفتوحة (للحوار مع الارمن) باسم تقاسم تاريخ مشترك"، مضيفا "نريد تقاسم الآلام مع اولئك الذين يريدون ذلك". وكانت فاليري بواييه النائبة في مجلس النواب الفرنسي عن الحزب الحاكم وراء فكرة عرض مشروع القانون على البرلمان. ولكن سياسيين كثيرين من أحزاب المعارضة اعتبروا أن المشروع برمته كان يندرج في إطار أغراض انتخابية لكسب أصوات الفرنسيين من أصل أرمني في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة. بل إن بعض الشخصيات التابعة للحزب الفرنسي الحاكم ذاته منها آلان جوبيه وزير الخارجية تحفظت عن المشروع ورأت أنه من شأنه الإساءة إلى العلاقات الفرنسية- التركية وإلى المصالح الفرنسية في تركيا لاسيما وأن هناك أكثر من 400 شركة فرنسية في تركيا. وأكد محللون فرنسيون كثيرون أن مسألة المذابح التي تعرض لها الأرمن في بدايات القرن الماضي في تركيا يمكن أن تقدم بشأنها قراءة هادئة ومتأنية من قبل المؤرخين. وهذا هو الطرح الذي تسعى تركيا إلى تبنيه.