ليس عيبًا أن يقيم الكاتب علاقة حميمة مع قرائه .. العيب كل العيب أن يشرّق وهم يغرّبون .. ويسبح وهم يحلّقون .. ويتباكى وهم يضحكون .. حينها يكون الكاتب قد فقد خارطة الطريق، وسار بعكس الاتجاه .. وسيبدو كمن يعزّي في الأفراح ويزغرد في المآتم .! أنا لا أتحدّث عن مساحة حرية الرأي .. ولا الخطوط الحمراء التي لايمكن تجاوزها فتلك مسألة تتسع أو تضيق تبعًا للظروف والمتغيرات.. إنها قضية التوافق أو (عدمه)، التي تجعل كاتبًا ما مريحًا عند قراء أو (مزعجاً) عند آخرين .! لا ضير في هذا .. يظل قارئ الصحيفة هو رصيدها الحقيقي، ومهما ذاع صيت أي كاتب وطبقت شهرته الآفاق .. فلن تشفع له سجلاته الحافلة، ولا تاريخه وجغرافيته ، بالبقاء طويلا ، إلا إذا حافظ على وهجه .. وأقام علاقة مع قارئه . * * * كانت الشمس من وراء ظهره تمدُّ ظلاً يتطاول ليربط البحر باليابسة.. ظلاً بلا لون .. ولا تضاريس .. ولا حقيقة .. يرسم خارطة (سريالية) لعالم جديد ، يموج ويهتز .. ويتمدد وينكمش .. عالم جديد ، قد يجيء به نهار آخر بعد، أن تعثر (إنسانية الإنسان) على خارطة الطريق .! * * * يسمونها حفلة تعارف - أو مقابلة شخصية - تلك الفرصة التي تلتقي فيها لأول مرّة بإنسان ما وجهًا لوجه .. سيحاول كل منكما أن يكتشف إحساس اللحظة الأولى، التي يعلن بعدها اختياره، ويتخذ قراره .. إنها اللحظة التي يتم فيها (التوقيع) بالحبر السرّي والجهري على عقد البداية أو(النهاية) .! * * * آخر السطور : " ما دقّ قلبي فجأة، إلا وكان توقّع السفر الفجائي الجميل إليك، والرهق الحنينْ .. عجبًا تخذتك محورًا وتركتُ للأشياء حولكَ، أن تدورَ وأن تصيبَ وأن تضل ، وكيفما شاءت تكونْ " .!