في أول يوم من أيام شهر رمضان قبل الماضي أفل نجم مشع في سماء الصبر والتحمل، وصرح شامخ من صروح البر والصلة ومع أفوله وغيابه إلا أنه لا يزال يسكن قلوب محبيه. نعم لقد فارقنا أخونا الفاضل أحمد بن مساعد الحمد رحمه الله رحمة واسعة وجعله في الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء الصالحين وحسن أولئك رفيقاً. وما ذلك على ربنا بعزيز، إنه سبحانه أحق من ذكر وأولى من شكر وأكرم من قصد وأوسع من أعطى وهو أرحم من الوالدة بولدها سبقت رحمته غضبه وسبق عفوه عقوبته. لقد عرفت أخي أبا مساعد عن قرب معرفة تامة، لقد كان حريصاً على القيام بواجباته من العبادة والبر والصلة وغير ذلك. وكان حريصاً على إدخال السرور على الآخرين من المرضى وكبار السن والأطفال، وكان متواضعاً راضياً بقضاء الله وقدره صابراً محتسباً محباً لأحبابه متواصلاً معهم بالرغم من معاناته بسبب مرضه أتذكره والذكريات صدى السنين الحاكي. فعل يليق بي أن أنسى من هذا وصفه أو تجاهل من تلك سجاياه أو أسلو من كان قريباً وصديقاً حميماً وناصحاً مخلصاً اللهم لا. تعاودني ذكراك كل عشية ويؤلمني التفكير حين أفكر أحبك لا تفسير عندي لصبوتي أفسر ماذا؟ والهوى لا يفسر لعل من نافلة القول أن أذكر صبره على مرضه الذي استمر سنوات عديدة امتدت إلى أربعة وعشرين عاماً حتى انهكه المرض وأضناه. ومع ذلك كله فقد ظل صابراً محتسباً قنوعاً محتملاً لا يفتر لسانه عن شكر الله وحمده. ففي العسر لم يجهر بشكوى لسانه وفي اليسر لم يلعب بأعطافه الكبر لقد رحل رحمه الله عنا ولكنه سيبقى حاضراً في القلوب بآثاره الطيبة وصفاته الكريمة، كما أنه سيبقى حاضراً بوجود أبناء وبنات له أحسبهم من البررة بوالديهم، لأنني أعلم يقيناً أن والدهم كان باراً واصلاً وصلاح الآباء يدرك الأولاد، والله يقول: (وكان أبوهما صالحاً)، فقد انتفع الغلامان بصلاح أبيهما فحفظ الله لهما كنزهما بسبب صلاحه: الابن ينشا على ما كان والده إن العروق عليها تنبت الشجر عزاؤنا في فقيدنا محبة الناس الصادقة له ودعاؤهم المتواصل له واحساسهم العميق بفقده، إن محبة الناس للشخص فضل من الله عز وجل. قال تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً)، يخلف الناس الذين يعرفونه على أشياء كثيرة ولكني أراهم متفقين على محبة الفقيد والدعاء له فلله الحمد والمنة. تخالف الناس إلا في محبته كأنما بينهم في وده رحم الحديث عن أخي أبي مساعد يحتاج إلى استحداث مفردات جديدة تكافئ قدر من أتحدث عنه، لكنها أحاسيس ومشاعر أبت إلا أن تظهر وكلمات وحروف تختلج بها النفس انطلقت لتعبر وتفصح: سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغض فحسبك مني ما تكنّ الجوارح وأخيراً: نحسب أن أخانا الفقيد قد استراح في روضة من رياض الجنة، استراح من تعب الدنيا عنائها وكبدها ونصبها. نسأل الله باسمائه وصفاته أن يجمعنا به ووالدينا في دار كرامته اللهم آمين. والحمد لله رب العالمين.. * رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الزلفي