في مقالة سابقة تحدثت عن عايدة الأيوبي صوتاً انطلق في عقد التسعينيات من القرن العشرين وتوقفت عام 1996. كأنما سبقت زمنها ومكانها. ظهرت بين أصوات كان ضجيجها في أنماطها وألوانها واتجاهاتها تعبر عن آخر إرث الحداثة الغنائية التي تكرست منذ السبعينيات مع فرق غنائية مثل المصريين والأصدقاء والفور أم وأصوات منفردة مثل :محمد منير وعمر فتحي وعلي الحجار وسميرة سعيد وعمرو دياب وآخرين، وتمثلت آخر دفعة في أسماء انطلقت آخر الثمانينيات من عباءة حميد الشاعري مثل مصطفى قمر وإيهاب توفيق وحنان ومنى عبد الغني وأخريات. من بين هذه الكوكبة التي كرست من صورة الأغنية في أنواعها التعبيرية والشاعرية فاختنقت في رمزية واضحة في أعمال محمد منير وعلي الحجار. بينما وصلت حدودها النهائية مع الأسماء التي تكرست مثل مصطفى قمر وسيمون وحنان وسواهم ورغم ظهور أسماء تكرس الصورة التقليدية القريبة من التقاليد الراسخة عند محمد الحلو ونادية مصطفى وسوزان عطية ومن أصوات لحقت بها مثل أنغام وغادة رجب وأصالة وسمية قيصر حتى شيرين وآمال ماهر غير أن اتجاهاً تكرس لأغنية بديلة تتخلص من الإرث في كل مراحله، وتعيد رسم العلاقات الجديدة بين العناصر دون التخلي عن المكتسبات الحضارية للتجربة الثقافية والمستجد التقني. إذا كانت إيمان الطوخي لم تحقق سوى ثلاث مجموعات غنائية(1988-1996) بينما عرفت ممثلة مبدعة في السينما والتلفزيون منذ 1985 حتى اعتزلت قسراً 2003، وحنان ماضي تمثلت تجربتها بين عامي 1993 و1999 مع الملحن ياسر عبد الرحمن في أربع مجموعات غنائية بعد مشاركتها الأولى في مجموعة»تجيش نعيش»(1993) لعلي الحجار كما شاركت في غناء مقدمات ونهايات مسلسلات حين عودتها من بعد عام 2008 غير أنها تبدل تعاونها مع أكثر من ملحن تفاوت مع كل واحد مستواها، فإن الأيوبي حققت ثلاث مجموعات غنائية :»على بالي (1991) من زمان (1993) رفيق عمري (1996)»، وظهرت في فيلم» حرب الفراولة»(1995) بأغنية أخذت من إحدى مجموعاتها، ولم تخرج من إطار وضعته لنفسها في شكل وأسلوب أعمالها الغنائية. وعادت بعد توقفها في مجموعة غنائية بعنوان»توسل ورجاء» (2009) من شعر المدَّاح البوصيري، وقدمت أكثر من أغنية منفردة هذا العام «بحبك يا بلادي ،يا الميدان» الثانية مع فرقة كايروكي. مثلت عايدة الأيوبي مشروعاً غنائياً مستقلاً ، لم يرتبط مع ملحن بعينه مثل الطوخي مع الشريعي، ولا ماضي مع عبدالرحمن، بل اندفعت لتقدم بموهبتها الكتابة النصية والابتكار اللحني في خط من أغنيات اعتمدت على تكريس شخصيتها المغايرة للأنماط الغنائية المكرسة. وتمثلت هذه الحالة في اتجاه أغنيات مختلفة وازنت بين علاقتها بتراث التمايز لا التشابه حين اختارت أعمالاً مهمة لكل من داود حسني وأحمد صدقي ومرسيل خليفة. ولم يكن توقفها مبرراً في ظل حالات اعتزال (أو توقف) لجيل من المغنيات مثل منى عبد الغني وحنان وتقطع تواجد سيمون بينما صعد جيل لاحق تمثل في أنغام وغادة رجب بالإضافة إلى مغنيات عربيات من ذات الجيل مثل أصالة وسمية قيصر وذكرى التي تأخرت في المجيء إلى القاهرة.