خروج الشعراء الشباب من إطار شعر الغزل وتفاعلهم مع القضايا الاجتماعية والسياسية والفكرية أمر جيد ومطلوب، وبالرغم من تعدد محاولاتهم للخروج من هذا الإطار ما زال طابع السطحية في الرؤية وخطابية اللغة ومباشرتها هو الغالب على تلك المحاولات خلافاً لشعرهم في الغزل، مما يوحي بأن الشاعر لا يكتب في هذه القضايا تأثراً وتفاعلاً بها بقدر ما يكتب لمجرد الرغبة في إضافة –على افتراض أنها ستكون إضافة- قصيدة في هذه المواضيع لرصيد تجربته! وينطبق هذا الأمر أيضاً على محاولات الشعراء في تجريب كتابة أحاسيسهم وأفكارهم على شكل غير مألوف لدى جمهور الشعر الشعبي وهو شكل (الشعر الحر)، فمن الملاحظ أن التجارب العديدة لكتابة القصيدة الشعبية على الشكل الحر ظلت على مدى سنوات ضعيفة وغير مؤثرة إلا في نماذج قليلة جداً، ويُمكن أن نعزو السبب لتعسف الشعراء في الكتابة في هذا الشكل دون أن يكون هناك دافع نفسي يستدعي الانتقال من الكتابة على الشكل العمودي إلى كتابة الشعر الحر. فكثير من الشعراء الشباب يبرعون كثيراً في جانب التنظير واستعراض الثقافة والحديث عن القضايا التي أشرنا إليها وأهمية تطور القصيدة الشعبية على مستوى الشكل والمضمون، ولكنهم يعجزون عن تجسيد ذلك من خلال قصائدهم. الشيء الوحيد الذي يلفت النظر في برنامج فعاليات لجنة الشعر الشعبي بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) لهذا العام هو حضور النقد بعد غياب طويل، وذلك في لقاء أو ندوة وحيدة ستكون بعنوان: (رؤى نقدية لنماذج من الشعر)، وبالرغم من حجم الأسماء المشاركة في الندوة ومكانتها في ميدان نقد الشعر الشعبي إلا أن هذا الحضور لا يغني عن مطلب حضور النقد بمساحة أكبر ولا يمنع من مواصلة تذكير القائمين على تلك الفعاليات بأهمية الاهتمام بحضور ما هو أهم، إذ لن يكون هناك تفاعل جيد مع فعاليات الشعر بالمهرجان في ظل الإصرار على تغييب (الشعر) بتجاهل الأسماء الشعرية البارزة والقادرة على جذب وسائل الإعلام لتغطية الأمسيات وتشجيع جمهور الشعر على الحضور ..!؟ أخيراً يقول المبدع هلال المطيري: بعض البشر طبعه مقدر ومحشوم وبعض البشر عيبٍ عليك احترامه اللي ستر عيبه عن الناس بهدوم وش يستره لا صار عيبه كلامه!