يقال أحياناً عن المسؤول الجديد إن إدارته امتداد لإدارة من سبقه، وقد يتقبل المسؤول الجديد هذه المقولة في بداية عمله كمرحلة مؤقتة لكنه بعد ذلك يبدأ البحث عن ذاته وإبراز شخصيته وتميزه واختلافه عن من سبقه. هذا ما يحصل حين تتغير الاسماء ومن الحالات النادرة في هذا الموضوع حالة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون حين سألها أحد الطلاب الكونغوليين عن رأي زوجها الرئيس الاسبق بيل كلينتون في إحدى القضايا. وقتها أجابت بغضب (تريد معرفة رأي زوجي، إن زوجي ليس وزيراً للخارجية بل أنا ، أتريد معرفة رأيي، أنا لن أكون امتداداً لزوجي). هذه الإجابة تعكس ان الوزيرة رغم ما لديها من خبرة وثقة في النفس إلاّ انها تشعر بحالة من الضغط كونها زوجة رئيس سابق بل إنه يصنف في امريكا من الرؤساء غير العاديين. الحالة الإدارية هنا، أن تأثير المسؤول السابق على المسؤول الجديد امر وارد في بداية العمل لكن المسؤول الجديد في فترة لاحقة يبدأ بالسعي نحو الاستقلالية وإنجاز ما يسجل باسمه. ومهما كانت العلاقة الشخصية بين مسؤول سابق، ومسؤول جديد - وهي في حالة كلينتون علاقة زوجية - فإن المسؤول الجديد لايمكن أن يكون نسخة للمسؤول السابق. كلينتون الرجل، كان الرئيس، كلينتون المرأة هي وزيرة الخارجية فهو المسؤول الأول وهي في الصف الثاني ومع ذلك فإن قوة الصف الثاني قد تؤثر كما في حالة هنري كسينجر مع رئيسه نيكسون.. في الشركات والمؤسسات والأجهزة الإدارية العامة، يتغير المسؤول الأول أو الثاني فإذا جاء المسؤول الجديد واستمر بنفس المنهج السابق كنوع من التقدير والتكريم فإن المصلحة العامة ستقود حتما الى التغيير، ويندر استمرار أسلوب واحد رغم تغير الاشخاص فالفروق الفردية تفرض نفسها في نهاية المطاف، حتى ولو كان هناك ثبات في القضايا الإستراتيجية. وحتى في الشأن السياسي، ومع وجود العمل المؤسسي والمواقف والسياسات الثابتة للدول في القضايا السياسية فإن الفروق الفردية لابد أن تحدث الفرق، وتقود الى التغيير. في حالة هيلاري كلينتون، فإن السؤال الذي فجّر غضبها، وإن فُسر فيما بعد بأنه نتيجة لخطأ في الترجمة، كشف عن الحالة النفسية للوزيرة في تلك اللحظة حين كانت شاشات القنوات التلفزيونية تنقل نجاح زوجها بيل كلينتون في إطلاق سراح صحافيين أمريكيين في كوريا الشمالية. وهنا نتوقف لنؤكد أهمية الاستفادة من أصحاب الخبرة والتجارب من المسؤولين السابقين وأن ننظر اليهم كتعزيز ودعم، وأن نستثمر قدراتهم للمصلحة العامة لا أن ننظر إليهم كمنافسين أو مصدر تهديد. الرئيس أو المدير الذي يثق بنفسه هو الذي يعطي الثقة بالآخرين ويدعم من أجل نجاحهم لأنه في المحصلة النهائية سيكون هو الناجح. الزوجة ترفض أن تكون امتداداً لزوجها في فكرها وطريقة عملها، فكيف حين يكون المسؤول الجديد مجرد زميل للمسؤول السابق؟