في ظل تفاقم ظاهرة العنوسة كان لابد أن تلجأ بعض الفتيات إلى محاولات عديدة للتسويق لأنفسهن ليس للزواج فحسب، بل للظفر بعريس دون غيره، من حيث تميزه بمواصفات تنال إعجابها وتجعلها تتمنى الزواج به، وقد يكون أقصر الطرق إلى ذلك هو التقرب من أسرته أو اللجوء إلى أصعب الطرق على الفتاة، وهو أن تطلب بشكل مباشر أو غير مباشر خطبته لنفسها، ولسان حالها يقول: عريس "لُقطة" في اليد، خير من عشرة على الشجرة. "الرياض" اقتربت من واقع بعض الفتيات وتعرفت على موقفهن لفكرة تسويق الفتاة لنفسها من أجل الزواج بمن نال إعجابها ديناً وخلقاً، وعلى بعض الأساليب التي يَتبعنها، الأجوبة طبعاً كانت مختلفة، ولكن الحقيقة المُرة في هذا الموضوع هي الاعتراف الصريح بأن هناك فتيات تزوجن بعد "التلميح" و"التصريح" و"الترزز" و"التميلح" أمام أم العريس وشقيقاته. تنافس بطريقة أخرى في البداية تقول "صباح العقيلي" -طالبة جامعية-: في الواقع أن خروج الفتيات للتعليم والعمل أعطاهن فرصة كبيرة ليبحثن عن عريسهن بأنفسهن بالطرق المشروعة، وذلك نتيجة الخوف الذي وصل إلى درجة الرعب من شبح العنوسة، مضيفةً: "لم تعد الفتيات يؤمن بنظرية العريس الذي يأتي فجأة على حصانه الأبيض ويخطفها إلى عالم الأحلام وبيت الزوجية، ومن هنا كان على الفتاة محاولة الاندماج والاختلاط بالأقارب والأصدقاء وفي الحي الذي تقطن فيه، وقد تكون مضطرة في أحيان كثيرة إلى الحضور في كل مناسبة حتى لو كانت مناسبة عزاء"، مشيرة إلى أنها لابد أن تكون في أبهى وأجمل "طلة"، لعلها تلفت نظر أم تبحث عن عروس لأبنها، وهنا لابد أن تتعامل بذكاء، إذ لابد أن تعرف من هي أم العريس المناسب الذي تتمناه؟، وليس عريسا والسلام، كما أن عليها أن تتعامل وبذكاء مع الأخريات اللواتي يبحثن أيضاً عن أم العريس، فحفلات الزواج لا تقتصر على وجود عروس واحدة فقط، بل هناك من يتنافسن على التقرب من أم العريس المُعلم أو الملازم، مؤكدةً على أن هذه الحفلات أصبحت تمثل ساحة مفتوحة للبحث عن شريك الحياة. «الترزز» في المناسبات واقع نساء 2011.. ولسان حالهن: تعبنا من «التلميح» حملات للتسويق وتضيف "عبير خالد" -28 عاماً وتعمل ممرضة- قائلةً: بالنسبة لي وقد بدأ ناقوس الخطر يدق أبوابي، عمدت إلى حملة لتزويج نفسي، بمعنى أني أطلب من صديقاتي المقربات أن يرشحنني لكل من يطلب منهن ذلك، بل يطلبن من أقربائهن وأزواجهن إن كانوا يعرفون شخصا طيبا وخلوقا يرشحوني له، كما أن والدتي بدأت في توسيع دائرتها الاجتماعية وإقامة الحفلات والولائم، لكي تزداد فرص زواجي، إذ لا تخلو إحدى هذه المناسبات من المدح والثناء على جهودي معها في الطبخ والاستعداد الجيد للحفلة، صحيح أن كل شيء بأمر الله، ولن يصيبني إلا ما كتب الله لي، لكن أنا أفعل ذلك حتى لا ألوم نفسي ولا أهلي، ذاكرةً أن الناس لم يراعوا مشاعرها، إذ بدأوا يتساءلون: لماذا لم يتقدم لخطبتها أحد؟، وللأسف مجتمعنا لا يفهم أبعاد مشاعر الفتاة التي تأخر عنها الزواج، ولعل أصعب تلك المشاعر عليها حين ترى ملامح الخوف والقلق في عيون والديها لتأخرها بالزواج، ومقارنتها بقريباتها اللواتي بعمرها، وكيف أنهن تزوجن وأنجبن وهي لازلت تنتظر النصيب. حضور المناسبات ولا ترى "أم ماجد" حرجاً في اصطحاب بناتها إلى المناسبات الاجتماعية المختلفة، فهي أم لخمس بنات، تتراوح أعمارهن ما بين 20 - 27 عاماً، مضيفةً أنه من خلال اصطحاب ابنتها الكبرى إلى المناسبات استطاعت أن تجذب الأنظار إليها، مما أدى إلى زواجها في وقت مناسب، وهذا ما تفعله أيضاً بالنسبة إلى بقية بناتها، كي يجدن نصيبهن في وقت مبكر، موضحةً أنها عايشت بمرارة تجربة عنوسة بعض شقيقاتها بسبب عزلتهن، وعدم خروجهن إلا في إطار الحي، لذلك حاولت ومنذ وقت مبكر أن تُبعد هذا المصير المشؤوم عن بناتها، لاسيما وهي تستخدم أسلوباً مهذباً ولائقاً اجتماعياً، ويمكن أن تلجأ إليه الكثير من الأمهات، وهو ليس أسلوب مستهجن ينتقص من كرامة الفتاة. هاجس العنوسة وتتساءل "نجود سالم" -طالبة جامعية-: ما العيب في أن تسعى الفتاة وتبذل جهداً في البحث عن زوج مناسب؟، فهذا في اعتقادي أفضل من أن يقال لها "عانس" أو تُفاجأ بأن أهلها يرفضون أي عريس والسلام، وإن رفضته هي قالوا لها إنها الجانية على نفسها!، أو قالوا إنها "معقدة" نفسياً أو خلافه، وهي أهون التهم التي تتعرض لها البنت، مضيفةً أنها لا تبالغ حين تُشاهد فتيات يدخلن الجامعة وفي رأسهن فكرة البحث عن عريس عن طريق زميلاتهن، كما أن بعضهن يذهبن إلى الأفراح وليس في أذهانهن سوى هذا الأمر، حتى تحولت هذه الفكرة إلى هاجس، ذاكرةً أنه كثيراً ما تحرص الفتاة على التودد والتقرب من زميلة لها، لعلها تكون سبباً في خطبتها من شقيقها أو خالها، مؤكدةً على أنه ليس من العيب لجوء الأسرة إلى حيل لتزويج بناتها، شرط أن يكون ذلك برضاهن ودون إكراه، فنحن نعيش في زمن صعب يعزف فيه الشباب عن الزواج، بسبب تفشي البطالة وغلاء التكاليف. البحث على المكشوف وتقول "وجدان" من واقع تجربتها: إنه لا يوجد حفل زواج أو خطوبة ولم تحضره، بل لا توجد امرأة الإ وشاهدتها، ومع ذلك لم يتقدم إلى خطبتها أحد، فأم العريس في وقتنا هذا لا يعجبها العجب، مضيفةً أنه لا مانع من أن تلمح الفتاة أو تصرح لإحدى صديقاتها أو أخواتها المؤتمنات على الأسرار، وهي بدورها تقوم بإيصال هذه الإشارة إلى المعني بالأمر، من خلال إحدى أخواته بطريقة لائقة وصادقة، مؤكدة على أنها مع سعي الفتاة للزواج والبحث عن نصفها الآخر كما هو يبحث عنها، ولا ترى ما يمنع حتى وإن خطبت لنفسها، ذاكرةً أن ذلك يتطلب الكثير من التفكير؛ لإيجاد الطرق المقبولة اجتماعياً، والتي تكون محترمة وعلى المكشوف، وفي نفس الوقت تحفظ للفتاة ماء وجهها، وهو أمر يتوقف على شخصيتها ووعيها أولاً وأخيراً. لن أُسوِق لنفسي وتتحدث "هبة الوابصي" قائلةً: الفكرة ليست فيها إشكالية من الناحية الاجتماعية ولا الدينية، بل العيب في نظرة النّاس لمن يفعل أو تفعل ذلك، ومن هنا أخشى أن يخطب الأب أو الأم لابنتهما ويتم الزواج ثم يظل الزوج "يعايرها" بأنها هي من بحثت عنه ولم يبحث عنها، مبينةً أن مسألة الزواج بالنسبة للبنت شيء له أوانه، لذلك ينبغي أن لا تستعجل الأحداث وتحاول تسويق نفسها، خاصةً وأن مثل هذه الأمور تقلل من قيمة الفتاة واحترامها، ثم أنها تجعلها أقل في نظر العريس المنتظر، وبالتالي فهي الخسرانة في كل الأحوال، مضيفةً: "أعرف زوجين مرتبطين حديثاً، وحدثت بينهما خلافات كثيرة، كادت أن تؤدي إلى الطلاق؛ لأن الزوج قال للزوجة في مشادة صغيرة إنها (ورطته)، حيث إن والد الفتاة خطب الشاب من باب المثل القائل: أخطب لابنتك"، مشيرةً إلى أنها لو بلغت من الكبر عتياً، وشارفت على قرن من الزمان، فإنها لن تتزوج رجل بحثت عنه، ولم يبحث هو عنها!.