تزايد مؤخراً الاهتمام بالأوقاف التي تحظى بمكانة في الإسلام؛ ما جعل كثيرين يوقفون بعضاً من أموالهم أو عقاراتهم أو مشروعاتهم لمصلحة وجوه الخير المتعددة، إلاّ أن هناك بعض الأوقاف مجهولة تعرضت لتعديات اضطرت "وزارة الشؤون الإسلامية" على أثرها إلى منح مكافأة مجزية لمن يبلغ عن وقف خيري مجهول؛ ما يدعو إلى تساؤل حول الآلية التي تتم عن طريق الوزارة، وهل هي كافية أم تحتاج لمزيد من التفعيل والتحديث؟، وهل الإبلاغ والمكافأة كافية لرصد الأوقاف المجهولة؟. نهضة شاملة في تصريح سابق لوزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد رئيس مجلس الأوقاف الأعلى الشيخ "صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ" قال فيه: "إن رعاية الأوقاف واستثمارها والمحافظة عليها وإنقاذ الأوقاف المجهولة من أيدي الناس الذين صارت بأيديهم وليس لهم وجه حق فيها هي من الواجبات، والوزارة لها عدة اتجاهات لإيجاد الأوقاف، وحث الموسرين على إيجاد الوقف، وأن يوقفوها على الجوانب الإسلامية العامة والاجتماعية والتنموية، وفي مجال بناء المساجد، ومجال تحفيظ القرآن الكريم، والدعوة إلى الله، والوقف على مكاتب الدعوة، ودعوة الجاليات والدعوة الإسلامية ومجالات الوقف الصحي، والوقف التعليمي. فهذه منظومة من الجهود التي نرجو الله أن تثمر مستقبلا في خدمة الوقف بشكل عام، أما الاتجاه الآخر فهو البحث عن الأوقاف المجهولة ورصدها والكشف عنها، وحث الناس على الإبلاغ عن أي وقف مجهول". وأكد الوزير "آل الشيخ" على أن الوزارة ماضية قدماً في برنامجها وحملتها في الحث على الوقف والإرشاد فيه والتوعية بشأنه ورعاية الأوقاف المجهولة، ورعاية القديمة الموجودة وصيانتها وأعمار ما يحتاج إلى أعمار، حيث ستكون هناك نهضة شاملة للأوقاف في المملكة في المستقبل القريب مع انطلاقة أعمال هيئة الأوقاف التي صدرت موافقة مجلس الوزراء على إنشائها. برمجة الأوقاف وشدد "عبدالعزيز قنصل" أستاذ الفقه والشريعة بجامعة الملك خالد، على أن "الأوقاف" أوقفت لله، لذا التعامل معها وفق آلية تخدمها لكي تستمر الأعمال الصالحة للواقفين، حتى بعد مماتهم، إلى جانب أن الأوقاف تسهم في التنمية الاقتصادية والعلمية والاجتماعية في المجتمع، منوهاً أن الأوقاف يجب أن ترسم لها الخطط المستقبلية للمشروعات الخيرية، خلاف التبرعات والزكوات التي تزيد وتنقص من عام لآخر، مبيناً أن ريعها يمكن صرفه في أوجه البر عامة مثل بناء المساجد، وإفطار الصائمين، وإعانات الزواج لغير القادرين، وكفالة الأيتام، وعلاج المرضى، وطباعة الكتب الإسلامية وترجمتها لغير المسلمين وغيرها من مجالات البر والإحسان؛ لتحقيق التكافل بين الأمة المسلمة وإيجاد التوازن في المجتمع. وقال:"الوقف عامل من عوامل تنظيم الحياة بمنهج حميد، يرفع من مكانة الفقير، ويقوي الضعيف، ويعين العاجز، ويحفظ حياة المعدوم، من غير مضرة بالغني، ولا ظلم يلحق بالقوي، وإنما يحفظ لكلٍ حقه في غاية من الحكمة والعدل، فتحصل بذلك المودة، وتسود الأخوة، ويعم الاستقرار، وتسير سبل التعاون والتعايش بنفوس راضية مطمئنة"، مذكّراً أن الأوقاف تساهم في تطويل مدة الانتفاع بالمال الموقوف وامتداد نفعه إلى أجيال متتابعة، مطالباً "وزارة الشؤون الأسلامية والأوقاف" أن تفعل الأوقاف، ويتم بيع القديم منها وشراء بدلاً عنها في مكان أفضل وحيوي حتى يستمر الوقف بالعطاء حتى لو كان بمساحة أقل من الوقف غير المستفاد منه، مطالباً بتفعيل الجانب الإيماني بشكل أكبر لدى المواطنين كون الدال على الخير كفاعله، وذلك للحد من الاعتداء على الأوقاف المجهولة. آلية تواصل واقترح "د. قنصل" أن تكون هناك آلية خاصة ب "وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف"، لإعادة برمجة جميع أوقاف المملكة والاستعانة بالمحاكم الشرعية للبحث عن الأوقاف سواء أوقاف عينية أو منفعية، قائلاً: "يجب أن يكون هناك نوع من التواصل بين المشايخ، والعمد، ومحافظي المناطق، وأئمة المساجد، وحلقات التحفيظ، وأصحاب النفوذ، لمعرفة الأوقاف الجديدة وتخطي ظاهرة الأوقاف المجهولة، وعدم المعاناة أثناء البحث، وأن يكون هناك حوافز مغرية في سبيل التعاون، مطالباً بتفعيل لجان في كل مدينة لرصد هذه الأوقاف التي قد تبلغ قيمتها ملايين الريالات، تمهيداً لتسليمها للوزارة. جولة ميدانية وذكر "مريزم عسيري" مدير الأوقاف بمنطقة عسير، أن لديهم لجان ميدانية خاصة بالمناطق النائية، كاشفاً ما تم رصده من أوقاف مجهولة بلغ حوالي 10 الآف وقف، وتم الانتهاء من مناطق تهامة، وبقي جزء بسيط مازالت اللجان تعمل عليه، لافتاً أن الوزارة لم تستحدث المكافأة إلا لتشجيع الناس على فعل الخير والإبلاغ على الأوقاف التي لم تستطع الوزارة الوصول إليها، التي لا تتضح إلا عن طريق الخبرة والمعلومات الوافية عن المنطقة، ومن جهة أخرى هي مكافأة تشجيعية لأصحاب الأوقاف أنفسهم المتسترين والكاتمين لأوقاف أسرهم وأجدادهم، والذي يكون هدفهم الاستفادة الشخصية من الوقف حيث بعض الأوقاف تكون بمواقع استثمارية يطمع فيها أصحابها، مشيراً إلى أن الوزارة تعطي من بلّغ عن وقف مجهول مكافأة تقارب قيمة الوقف تقريبا، ولا تمنح لأي شخص بل لمن أظهر الصك الشرعي والوثائق الرسمية، مشيداً بفكرة منح المكافأة، إلاّ انه وصفها ب "غير كافية" لرصد الأوقاف المجهولة، موضحاً أن الوزارة بصدد تنفيذ خطط وآراء لبعض الأئمة والمشايخ، وذلك عبر إرشاد المواطنين وتوعيتهم بأهمية الوقف ومكانته الشرعية والاجتماعية، والحث على المساهمة بأوقاف لما فيه من السعي للخير، مضيفاً: "بدأت الوزارة في تنفيذ مسح ميداني للأوقاف وبدأت في محاصرة من يتعدون على الأوقاف بالتعاون مع الجهات المختصة؛ لرفع يد المعتدي ومعاقبته بما ينص عليه القانون. استثمار الوقف وأكد "سعد بن صالح اليحيى" المدير العام للإدارة العامة لأصول الأوقاف، على أن الوزارة لا تتدخر جهداً في سبيل العناية بالأوقاف والمحافظة على أعيانها، وحصرها وتسجيلها، وصرف غلالها في مصارفها الشرعية وفقاً لشروط الواقفين، والعمل على تحقيق الغبطة لها بتوجيهات ومتابعة دقيقة من معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ، قائلاً: "تم إقرار مكافآت مجزية لمن يرشد عن أوقاف مجهولة، تشجيعاً للإبلاغ عنها، وسعياً لتسليم هذه الأوقاف المجهولة للوزارة والمحافظة عليها واستثمارها الاستثمار الأمثل الذي يحقق لها النماء ثم صرف غلالها في مصارفها الشرعية، وفقاً لشروط الواقفين لها، مرحّباً بأي اقتراحات في هذا الموضوع إذا كانت تحقق المصلحة والمنفعة للأوقاف.