تجري هذه الأيام حمى انتخابات الدورة الرابعة لاختيار أعضاء مجلس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين في ظل نهضة عمرانية واعمار ضخمة بكل المقاييس وتذكرنا بما يسمى طفرة مشابهة لها التي جرت بنهاية السبيعينات الميلادية من القرن المنصرم. وقد اطلعت على مقالة أخي وزميلي الدكتور مشاري بن عبدالله النعيم الذي نشر في العدد رقم 15888 من جريدة الرياض الصادر بتاريخ السبت 29 محرم 1433 ه الموافق 24 ديسمبر 2011 م بعنوان "انتخابات المهندسين: كلاكت ثالث مرة" إذ اتفق معه فيما ذهب اليه في التحفظ على مشروعية قرار لجنة الانتخابات الحالية في فرض شرط تسجيل الناخبين المسبق، وهي وإن كانت فكرة جديدة الا أن اعتراض الكثير عليها يثير الشكك بقبولها! وايضا هنالك مطلب آخر أضيفه هنا وهو رغبة الكثير من المرشحين والناخبين في تمديد فترة التسجيل اسبوعا أضافيا أو أكثر، وهو لم يلقَ قبولاً من اللجنة الأنفة الذكر أيضا. وعطفاً على المطالب المشروعة أعلاه، فقد شاركت في الإصرار على تلبية المطلبين مع الكثير من زملائي المرشحين والذين قارب عددهم حوالي 30، عند مشاركتي في اللقاءين التعريفيين للمرشحين واللذين عقدا في مدينتي الرياض والدمام في يومي الأربعاء 26 محرم والأحد 30 محرم 1433 ه. والجميل جدا، بأن مجلس الإدارة عقد اجتماعاً يوم الأربعاء الماضي 3 صفر 1433 ه واتخذ قرارا بإلغاء قائمة تسجيل الناخبين المسبقة، وتمديد فترة تسجيل عضوية الناخبين الى يوم الاثنين الموافق 15 صفر 1433 ه بدلا من يوم السبت 6 صفر 1433 ه، بعد النظر في الطعون التي قدمت ضده. وتلافياً لضعف العمل الهندسي المؤسسي ولبعض الممارسات الخاطئة التي قد لا تكون مقصودة من إدارة الهيئة السعودية للمهندسين الحاليين، فإنني ارى ضرورة مشاركة أعضاء هيئة التدريس في الكليات الهندسية بجامعات المملكة في عضوية وأنشطة الهيئة السعودية للمهندسين بشكل مكثف وعلى كافة المستويات (معيد، محاضر، أستاذ مساعد، أستاذ مشارك، أستاذ) للتفاعل والتكامل مع زملائهم من مهندسين ممارسين وأرباب العمل الهندسي من أصحاب المكاتب الهندسية ومقاولين وموردين، حيث أن الأكاديمين يمكنهم أن يضيفوا الى ثقافة وبيئة العمل في الهيئة السعودية للمهندسين مما يؤدي الى تحسين أداء الهيئة وذلك لأن الأكاديميين يمارسون عملهم باستقلالية ويؤمنون بإيجاد موازنة بين مصالح المهندسين وأرباب العمل بالحلول الوسط والمبنية على دراسات علمية لرؤى وأهداف وقضايا تخدم مصلحة المهندس والهيئة، كما يشركون الأخرين ببلورة قراراتهم من خلال إبداء الرأي وحرية التصويت. ومع ما ذكر أعلاه، هناك علاقة مفصلية بين كليات الهندسة في الجامعات السعودية والهيئة السعودية للمهندسين، ففي الوقت الذي تقوم فيه المؤسسات العلمية بإعداد المهندس بالعلوم والمهارات والمعارف للدخول في سوق العمل، نجد أن الهيئة تقوم بإرشاده من خلال الدورات والورش التدريبية وعقد المؤتمرات واللقاءات مع المهندسين في القطاعات الأخرى والتي من شأنها تحسين الأداء وبناء قنوات تواصل تنموية وعملية. ولعل من المفيد اطلاع القارئ على أهداف وخدمات الهيئة السعودية للمهندسين لزيارة الموقع الألكتروني www.Saudieng.org. يتنافس في هذه الدورة للفوز بعضوية مجلس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين المكون من عشرة (10 ) مقاعد من واحد وسبعين (71) مرشحا أو مرشحي أي قائمة انتخابية كما هو وارد في لائحة الانتخابات بالموقع الإلكتروني للهيئة. وكاتب هذه السطور المرشح رقم (1)، وهنالك ستة مرشحين من موظفي شركة أرامكو السعودية بينهم سيدة، فضلا عن مرشحين آخرين مثل أصحاب المكاتب الهندسية ومهندسين حكوميين ومهندسين يعملون في القطاع الخاص. ويحق لكل عضو مسجل لدى الهيئة أن يختار عشرة أشخاص من المرشحين حيث سيتم الاقتراع في يوم الثلاثاء 17/1/2012 م علما بأن آخر يوم لتسجيل العضوية هو الاثنين 9/1/2012 م. ويقوم المرشحون بتقديم أنفسهم وبرامجهم الانتخابية في ثلاثة لقاءات موزعة على ثلاث مدن رئيسية بالمملكة، تم منهما أثنان في كل من الرياض والدمام ، وأما اللقاء الثالث فسينعقد في مدينة جدة في مساء يوم الثلاثاء القادم 3 يناير 2012 م. وعادة ما يطرح المرشحون لانتخابات الهيئة السعودية للمهندسين عدداً من الأهداف والطموحات في برامجهم الانتخابية بعضها متقاطع ولا يختلف عليها أثنان ولعل من أهمها هي إقرار أو اعتماد الكادر الهندسي السعودي والتي تمس السلم الوظيفي والوضع المالي للمهندسين العاملين تحت مظلة وزارة الخدمة المدنية. كما أن هنالك أهدافاً مختلفة لكل مرشح، وسأقتصر هنا على اثنتين أميل إليهما وهي أولا: السعي الى اجتذاب مشاركة المهندسين والمهندسات حديثي التخرج والاستفادة من خدمات وأنشطة الهيئة كما هو مهم تطويرهم المهني اذ هم عماد وقادة المستقبل. والهدف الثاني هو تشجيع انخراط المرأة في العمل الهندسي والسعي الى تفعيل مشاركتهن في أنشطة الشعب الهندسية. وعندما نقرأ احصاءات حديثة عن بطالة النساء المؤهلات والماهرات واللاتي يرغبن بالعمل، نجد أن نسبتهن من البطالة حوالي 70% وفق برنامج حافز الذي تشرف عليه وزارة العمل وذلك بسبب أن جزءاً كبيراً من اختصاصات النساء ليس له حاجة في سوق العمل. في حين بإمكاننا استغلال هذه الموارد البشرية في الاختصاصات العلمية والعملية مثل مهنة الهندسة والعمارة وغيرها من خلال اتاحة الفرصة في توفير الفرص الدراسية لهن وهذا ما عملته الآن بعض مؤسسات التعليم العالي، ولعلي أذكر على سبيل المثال مبادرة جامعة الأمير سلطان بالرياض، والتي أتشرف العمل عضوا بمجلس الأمناء بها، في فتح قسم العمارة للبنات وقبولهن ابتدءاً من الفصل الدراسي الحالي، كما أعلنت جامعة الملك عبدالعزيز بجدة مؤخراً عن فتح مجال دراسة البنات للهندسة الصناعية والهندسة الكهربائية، فضلا عن وجود أقسام للتصاميم الداخلية للبنات في كل من جامعة الأمير سلطان وكلية دار الحكمة بجدة. صحيح، بأن عملية أنتخابات الهيئة السعودية للمهندسين لم تلق أقبالا من الناخبين في حضور اللقاءات التعريفية الا أنها من وجهة نظري كانت لقاءات مهمة جدا وهي أشبه بورش العمل لمراجعة لأداء الهيئة منذ نشأتها الى الآن وطرح أفكار جديدة والتعرف على نشطاء مهنيين وتقوية أواصر المهندسين السعوديين من مناطق مختلفة من بلدنا الواسع، ومن محاسنها أن نؤسس مسودة أستراتيجية وخطة عمل للإدارة القادمة بغض النظر عن هوية وفريق العمل المنتخب. كما أتطلع الى تغيير مواد لائحة الانتخابات مستقبلا لاعطاء المرشح شخصيا أو أعضاء قائمة مرشحين مساحة أكبر في عرض البرنامج الانتخابي في أي مكان عام، ونشر إعلانات للوصول الى أكبر عدد ممكن من الناخبين أسوة بما هو معمول به في الانتخابات البلدية. وأخيرا، ادعو جميع الزملاء الحريصين من القطاع الأكاديمي الهندسي والمهني الهندسي على تحقيق التطوير المنشود في الحقل الهندسي في المملكة من خلال المشاركة في الاقتراع على المرشحين والقوائم الذين يرونهم مناسبين، وعليهم أن لا يقللوا من أهمية دور الهيئة السعودية للمهندسين والتي تمثل حوالي 40 ألف مهندس سعودي، وتعتمد مهنية ما لا يقل عن 100 ألف مهندس وافد. *أستاذ تطوير وإدارة المشاريع بكلية الهندسة في جامعة الملك سعود