ملتقى المرأة مالها وما عليها كشف عن ظاهرة خطيرة بأرقام إحصائية مذهلة، فمن وصلن الثلاثين عاماً ولم يتزوجن أكثر من مليون وخمسمائة ألف فتاة، وقدر عدد العوانس بأربعة ملايين، وتحتل المملكة المركز الثالث عربياً، والأول خليجياً في نسبة الطلاق!! لايجب أن ننظر للموضوع من جهة واحدة، بل يجب أن نجند مراكز بحوثنا الاجتماعية في الجامعات وغيرها، لتحليل الأسباب والوصول إلى نتائج، وإن كانت الدخول للأفراد الضئيلة، والبطالة والسكن أحد أهم الأسباب، فأي شاب راتبه تبعاً لأحسن الظروف لا يتعدى خمسة آلاف ريال لا يستطيع تحمل أعباء زواج تصل مصاريفه إلى مائة ألف ومعها إيجار سكن وسيارة ومصاريف متعددة إلى جانب مطالب مسايرة المجتمع بالمظاهر الأخرى. القضية ستكون تبعاتها الأخلاقية كبيرة، لأن الرادع، مهما كانت قوته في المجتمع، فالحاجة البيولوجية أعمق مما نتصورها وهي غريزة مبذورة في عمق الإنسان ذكراً وأنثى، ثم إن القضية الأخرى أن هذا الرقم يأتي في ظروف اقتصادية ممتازة، والحل لايكمن في إعانة الزواج، والتي هي رقم رمزي صغير.. إخفاء المشكلة أو تجاهلها واعتبارها أمراً يحدث في مجتمعات أخرى ليس صحيحاً، فالكوارث والحروب والفقر كلها عوامل أساسية في عدم الإقبال على الزواج ، لكن في مجتمعنا المحافظ لا ندري كيف نصل إلى معالجات جدية، لأن العنوسة لأي من طرفيْ العلاقة سوف تشكل مرضاً نفسياً، وتشتتاً ذهنياً، وقد كنا في أقصى حالات فقرنا لا توجد هذه النسبة من العوانس والمطلقات، ولعل مجتمع الوفرة والوعي باشتراطات الزواج، والإصرار على جعل التقاليد تحكمنا كمصدر للتشريع فيمن يحق له مصاهرة العائلة إذا كان نسبه متدنياً، أو حصره بمنطقة ترفض الزواج من بنات منطقة أخرى، وتجاوزها إلي المصاهرة مع بنات دول أجنبية كلها عوائق ستكون نتائجها في المستقبل البعيد خطيرة، وربما من يدرك المشكلة هو مَن لديه ثلاث أو خمس بنات تجاوزهن سن الزواج، مهما كان دخله وظروفه المادية الجيدة، وسيشعر بالعبء الاجتماعي، والمسؤولية الصعبة. حقوق المرأة لا تزال مثار جدل بين تيارات مختلفة، ولازلنا نتخبط في شؤونها، رغم وصول العديد منهن إلى شهادات جامعية عليا وثانوية ومعاهد وغيرها، وهناك سيدات أعمال بارزات، ومع ذلك لم نصل إلى قناعة بأن المرأة عضو فعال، وبدونها لايمكن أن تتم تنمية متعددة الوجوه. هناك جانب آخر، وهو بروز ظواهر أخرى كابتزاز الفتاة، والعنف الأسري الذي ضحيته النساء والأطفال، وعندما نتحدث عن تلك الحقائق لايعني أننا بلا إيجابيات لكن أن تكون نسب العوانس والمطلقات تصل إلى رُبع المجتمع فقط من النساء وتوجد نفس النسبة بين الشباب الذكور، فمعنى ذلك أن لدينا ثمانية ملايين بلا عقود زواج والكلفة كبيرة، وعلاجها لا يتأتى من قرارات أو نصائح، بل يتأتى من عمل لا يحتمل التأخير والتباطؤ..