يعتبرالفنان الراحل علي الخرجي أول رسامي الكاريكاتير في المملكة؛ وهو أول الراحلين المبدعين في هذا المجال، والذي تفرد فيه لمدة (40 ) عاما عاش من خلالها مراحل تطور الصحافة السعودية وعاصر معظم رؤساء تحريرها، ولم تكن له عداواة أو خصومات مع احد رغم تنقله بين الصحف وأكثر من موقع.. الخرجي (رحمه الله) علاوة على أنه من أوائل فناني الكاريكاتير؛ يعتبر اول رسام كاريكاتير نشر في الصحافة السعودية، وكان اسما لامعا وحده في فضاء فن الكاريكاتير، وبرغم بدائية التجربة سواء في فن الرسم أو الصحافة في المملكة؛ إلا انه كان ينشر ويتطرق لأفكار منفتحة بأسلوب ناقد وساخر ولاذع ربما لم يستوعبها المجتمع السعودي في تلك المرحلة ، حيث كان يوجه له التهكم وعدم الارتياح في اوساط المجتمع نظرا لندرة أفكاره وحدتها في ذلك الوقت. الخريجي من مواليد قرية عشيرة، سنة 1352 ه، وأنهى دراسته الابتدائية والثانوية في العراق وتأثر برسامي الكاريكاتير في العراق وكسب خبرة من فنانيها وأتقن النحت أيضاً، عمل سكرتيرا في مكتب وزير المواصلات لمدة سنتين، وابتعث الى مصر مع هيئة اليونسكو، وحصل على دبلوم التربية الأساسية - وسائل سمعية وبصرية، ومن ثم عاد الى المملكة وعمل بمصلحة الطرق بوظيفة رسام فني، كما ابتعث الخرجي من قبل الأرصاد الجوية، وحصل على دبلوم الأرصاد الجوية، وعمل راصداً جوياً بالمصلحة، وعمل بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وأخصائي وسائل سمعية وبصرية، وابتعث كذلك من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الى انجلترا -تخصص وسائل سمعية وبصرية، وحصل أيضاً على دبلوم الوسائل السمعية والبصرية من القاهرة، بمنحة من اليونسكو، وعاد بعدها وتسلم ادارة مركز الخدمة الاجتماعية بالرياض، وعمل كأول مدير لنادي الفروسية بالرياض، كما عمل رئيساً لقسم الوسائل بوكالة الوزارة للشؤون الاجتماعية، وبدأ الفنان علي الخرجي رسم الكاريكاتير بجريدة الرياض عام 1380 ه، وبدأ العمل في جريدة الجزيرة عام 1400 ه، وقدم برنامج ( بابا علي ) للأطفال بالتلفزيون السعودي في بداياته الأولى عام 1385 ه، وعدداً من البرامج الاذاعية والتلفزيونية، ويعد اسمه من الاسماء الساطعة في مجال هذا الفن ، والذي راح يستهوي قلوب وعقول الملايين على مستوى المملكة كونه البارع والتميز والمتفرد بالكاريكاتير الذي كان يعتبر جديدا في عالم الصحافة السعودية في تلك المرحلة، خصوصاً انه الوحيد الذي كان يجيد هذا الفن المشاكس في بداية مشواره الفني، بالإضافة الى موهبته وإبداعه ودراسته وخبراته، ونظرا لسمعته الجيدة في مجال تخصصه، فقد حظي الخرجي بالكثير من الاهتمام من قبل النقاد والمهتمين بهذا الفن كونه سبق الآخرين، حيث اعتبره البعض بأنه رجل سبق عصره بإتقانه هذا الفن الذي كان بالنسبة الى الصحافة السعودية حديث الانطلاق، وتظهر رسومه الكاريكاتيرية التي استمرت أكثر 40 عاما على صفحات الرياض الأخيرة والجزيرة، وصدر له أول كراس، كتاب عن الكاريكاتير قدمه الأستاذ تركي عبدالله السديري، وبالمناسبة الأستاذ تركي السديري رئيس تحرير جريدة (الرياض) هو أول من شجع رسامي الكاريكاتير السعوديين ورعاهم ومنحهم مساحات واسعة ومكآفات مالية عالية. وعندما نتمعن برسومات الراحل علي الخرجي اليوم نرى ثمة عناوين واستخلاصات وأفكار متنوعة وكأنها جديدة بالتناول والتمعن والقراءة والتأمل، وهذا جزء من الوفاء لهذا الفنان الذي خدم وطنه اكثر من 40 عاما مضت وهذا دليل على مدى حب وعشق هذا الرسام لرسالته الفنية ودورها وهو مفتون بحب الوطن وعشقه وإنتمائه ، ويعد مكتشف أسلوب فن الكاريكاتير في المملكة وكان شمعة مضيئة في عالم الصحافة السعودية منذ انطلاقاتها الأولى ، و صاحبها برسوماته وهوغارق بأفكاره وخطوطه وتعليقاته الساخرة، وبدأ يرسم بالأبيض والأسود وبعدها أتقن الألوان المائية التي كانت مصاحبه لرسوماته الكاريكاتورية ولم تأثر على بصمته الفنية الخاصة به التي لاتشبه احدا سواها، وقد برع وابدع وتخصص في ولوج وتفاصيل هذا السهل الممتنع، وسبق واني تعرفت على الراحل قبل عشرين عاما وكان يعطي النصائح ويشجع الشباب الموهوبين ويدلهم على الطريقة الأسلم والأصوب والأنجع ويوصى المواهب الشابة بالمثابرة والمتابعة وكيف تكون رساما كاريكاتيريا ناجحا ومتميزا. وعرف علي الخرجي كيف يشق طريقه ليكون اول رسام كاريكاتير في المملكة وعرف ابا ناصر كيف يوزع التراجيديا والكوميديا السوداء بين الساخر والقاهر رغم صعوبة الطريق ووعورته في تلك المرحلة، واستطاع ان ينشر أعماله الفنية ويقيم معارض فنية خارج المملكة ، حيث مثل المملكة في فرنسا بالإربعينات كأول رسام كاريكاتير سعودي وخليجي عربي، وكان قريبا من هموم الناس ومتابعة قضاياهم من خلال رصد معاناتهم برسوماته المعبرة التي كان ينشرها على الصفحة الأخيرة، حيث كان يتناول طرح الأفكار القوية ويرصد سلوكيات المجتمع السعودي ويشخصها باسلوب لاذع وساخر ونادر بطريقته الخاصة.، حيث تناول (رحمه الله) كيف ان المواطن لايعترف باشارة المرور وكيفية الإسراف عند الأسرة السعودية وغلاء المهور والرشوة وعدم الانضباط في العمل والفساد الإداري وكان الناقد والمرشد والناصح والمصلح عبر رسوماته المعبرة التى لاتموت! وكان منكبا على أعماله الفنية وهي تتمحور في مواهبه المتعددة سواء بالرسم أو النحت أو تقديم البرامج من خلال التلفزيون، إلا أنه كان لايغيب عن مواصلة رسوماته اليومية فكان الوحيد الذي يلعب بالساحة ويجاري الرسامين العرب الذي سبقونا بهذه التجرية. سوف تبقى رسومات وأفكار الفنان الراحل علي الخرجي راسخة بالذاكرة والوجدان ، وإذا هو رحل فسوف تبقى خطوطه لاتعرف معنى الرحيل، وهو اول القادمين والراحلين عن هذا الفن الذي اصبح احدى ركائز الصحافة السعودية. رحم الله علي الخرجي رحمة واسعة واسكنه فسيح جنانه.