في كل مرة يعقد فيها وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم مؤتمرا صحفيا يقع في سلسلة من الأخطاء. غير ان خطأه في المؤتمر الأخير يرقى إلى مستوى الفضيحة. الوزير كان يشتكي في كل ظهور إعلامي له من حملة إعلامية مضللة ومبرمجة تستهدف بلاده. وهو يطالب وسائل الإعلام بالتوازن في عرض الأخبار مشيرا إلى ان وجهة النظر السورية لا تعرض في وسائل الإعلام التي يتهمها بالفبركة والكذب المنهجي ونفي وجود مجموعات مسلحة. ولكي يوضح مصداقية قوله بوجود مجموعات مسلحة قام المعلم، بلغته الرتيبة الباردة، بإهداء فيديو "للجنة الوزارية العربية الذين ما زالوا ينكرون وجود المجموعات المسلحة" زاعما ان قنوات التحريض، كما يسميها، تمتنع عن عرض المقاطع التي تظهر فيها الجماعات المسلحة. أقل ما يوصف به مقطع الفيديو الذي عرضه الوزير هو انه كان وحشياً ومقززاً ويعكس طبيعة النظام. إذ احتوى المقطع على جثث مشوهة لا يستطيع الإنسان ان يشاهدها دون ان تترك لديه شعورا طاغيا بالاشمئزاز بسبب التمثيل الذي تعرضت له الجثث. وكان يجب تحذير متابعي المؤتمر من الصور المرعبة التي ستبث في المقطع. إلا ان الفضيحة المخزية هي ان الملتحين المسلحين الذين يزعم الوزير بانهم جماعات إرهابية تستهدف الجيش السوري في اللاذقية لم يكونوا إلا مجموعة من اللبنانيين في مقطع، موجود على الانترنت، وملتقط قبل ثلاثة أعوام بالقرب من طرابلس في لبنان. بدا واضحا ان المعلم كان واثقاً من مصداقية المقطع لدرجة انه قال بعد العرض في معرض تأكيده على انحياز قنوات التضليل بان مساعديه قد أبلغوه ان قناتي الجزيرة والعربية قطعتا بث مؤتمره الصحفي بمجرد بدأ عرض المقطع. ربما يكون الوزير مقتنعاً، فعلاً، بوجود مشكلة في عرض وجهة النظر السورية لذا فإنني أزعم ان لديّ حلاً سينهي مشكلته. الحل ببساطة هو ان يقوم النظام باتاحة حرية التنقل والتصوير للاعلام الدولي كي تظهر الحقيقة وتنكشف هوية من يقوم بالقتل. فوسائل الإعلام الحرة ستكشف غموض تلك الجماعات المسلحة الخارجة على النظام التي تستهدف بالقتل، حصرا، المتظاهرين المناوئين للنظام لا المناصرين له. هناك مجموعة كبيرة من الأسئلة تتزاحم في ذهن كل من شاهد المقطع الفضيحة .. من هي الجهة التي قامت بفبركة المقطع .. هل هي وزارة الإعلام أم الخارجية أم المخابرات؟ هل غاية تلك الجهة فضح النظام أم انه مجرد خطأ غير مقصود من موظف غير كفؤ؟ هل كان المعلم هو المقصود بالإحراج أم انه النظام؟ مهما كانت الإجابة إلا الحقيقة تبقى ان المقطع المزور كان المسمار الأخير في نعش المصداقية السورية.