صفارة الإنذار، أو الصوت التي تُصدرهُ مركبات الطوارئ كالإطفاء والإنقاذ والإسعاف والمرور هي أصوات قصد منها فسح الطريق أمام المركبة واختصار زمن تلبية النداء من أجل الوصول إلى الموقع دون عوائق ، وكل دقيقة لها ثمنها. لكن الذي يحدث عندنا أن المركبة تقطع طريقها - في الغالب - لتجد حشدا من الجماهير وتجمعا لا مسئول من الفضوليين يسدون الطريق على الآليات والمركبات والسلالم لمسافة تجعل ركض سيارة الإسعاف أو سيارة الحريق عديمة الجدوى والنفع والفائدة. ويسأل الإنسان نفسه: لماذا وُجدت ( الصفارة ) إذا كان مفعولها لا يجد أذناً صاغية من المحتشدين. من قراءاتي عن حوادث حريق مؤلمة أستطيع القول أن التجمهر أحد الأسباب التي أعاقت الدفاع المدني والإسعاف، وحالت دون أخذ المساحة الكافية لآلياته ووسائل الإنقاذ التي هي أيضا تحتاج إلى مساحة أرضية كافية لتتمكن من أداء عملها وتتحرك يمينا ويسارا بين لحظة وأخرى. وفي سرد الحالة إخباريا نقرأ عبارة " ثقافة التجمهر " واعترض بشدة على التسمية وأقول إنها "سخافة" وليست ثقافة. أولئك الذين يتجمهرون يعتقدون أن وسائل الإنقاذ تجري كالسابق، بحيث يجري حمل المصابين يكفي حملهم على الأكتاف أو بعربات عادية لا تحتاج إلى مساحة أرضية وسرعة التفاف ورفق ودقة. كذلك فإن وسائد القفز وسلالم الوصول إلى الهدف بدقة تحتاج على حراك وإحكام بالغ يحتاج إلى سعة المساحة المحيطة بالآلة. فكيف للفني المسئول أن يلقي باله للجمهور المحتشد أو للآلة التي يجب عليه إدارتها. وأرى أنه ما لم ينفع النصح ولم تجد التوعية أن يُصار إلى استنباط وسيلة أو أخرى لجعل العون وأداء الواجب ممكنا. وفي بالى أن تُجهز مركبات الشرطة والإسعاف والإطفاء بكاميرات تصوير من تلك الرقميات التي تجعل توضيح الوجوه ممكنا. بحيث يتم تصوير الفضوليين واستدعاؤهم ممكنا ولو بعد حين. ووجدت بعض بلدان أوربا في خراطيم المياه وسيلة لصد التجمهر الرياضي الذي يعطل الحركة. وزادت دول أخرى على علم التصدي للحشود بأن جعلوا ذلك الماء ملوّنا لتتمكن الشرطة - فيما بعد - من القبض عليهم بتهمة إزعاج السلطات، أو منع سير الإنقاذ، أو تعريض المارة للخطر، وهي تهم رئيسة إذا عُرضت على القاضي. تعتبر ظاهرة تجمهر البعض حول مواقع الحوادث سواء كانت مرورية أو حرائق أو مشاجرات من العادات والظواهر غير المطلوبة كونها تعيق عمل الجهات المعنية خصوصا إذا استدعى الوضع تدخلاً سريعاً أو إسعافاً، وقد يتسبب في تعريض المتجمهرين أنفسهم للخطر بشكل أو بآخر نتيجة التدافع أو الاحتكاك من أجل إصرار البعض على معرفة ما يجري، ويتمادى بعضهم في تصوير الحادث والمتجمهرين أو الدوريات الأمنية، ويسابق الزمن من أجل استدعاء الغير ليشاهد معه و "يستمتع".