يبدو بأن الزيارة الأولى للرئيس الجديد للمحكمة الخاصة بلبنان القاضي النيوزيلندي ديفيد باراغوانث التي حملت إنذارا أخيرا للحكومة اللبنانية بأن "التمويل التزام واجب على لبنان أو يتعرض لعقوبات في مجلس الأمن الدولي" قد فعلت فعلها في بيروت، ما حدا برئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى التلويح باستقالة وشيكة في حال رفض مكونات حكومته دفع حصة لبنان المتبقية للمحكمة عن سنة 2011 والبالغة 32 مليون دولار، علما بأن المهلة المتبقية للتمويل لا تتعدى نهاية السنة الجارية. كلام ميقاتي يشير بوضوح الى وصول مفاوضاته مع "حزب الله" وحلفائه في الحكومة وخصوصا "التيار الوطني الحرّ" الى حائط مسدود، وحيث باتت المخارج ضئيلة جدا لمسألة التمويل، وآخرها "سيناريو" طرحه ميقاتي عن إمكانية تغيب عدد من الوزراء عن جلسة التمويل المحددة في 30 الجاري وتمريره بلا إحراج لأحد، كذلك سقط سيناريو اللجوء الى "مساعدة" من دولة صديقة تدفع حصة لبنان لأن الدول المعنية تعتبر بأن ذلك لا يعفي لبنان من التزامه الدولي بالقرار 1757. ويبدو بأن التيار الوطني الحر الذي له 10 وزراء في الحكومة يرفض هذه المخارج كلّها بالتوافق طبعا مع "حزب الله"، وقد أعلن رئيسه العماد ميشال عون بأن وزراء التيار سيستقيلون في حال أقرت الحكومة بند التمويل. تلويح ميقاتي الأخير بالاستقالة جاء بعد ضغوط دبلوماسية غربية واسعة حملها اكثر من مبعوث أوروبي وغربي من أن عقوبات اقتصادية ستطال لبنان. وسط هذه الأجواء يستعد "تيار المستقبل" وقوى 14 آذار لتنظيم مهرجان كبير يوم غد الأحد في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس المعقل السنّي الذي يشكل ملعبا لتنافس حادّ بين رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وبين الرئيس الحالي للحكومة نجيب ميقاتي. وهذا المهرجان الشعبي الضخم يعبّر عن رسالة تحدّ وتحذير لحكومة ميقاتي من مسقط رأسه طرابلس من أن تمويل المحكمة هو التزام لا يمكنه التنصل منه.