قالت مصادر وزارية لبنانية إن ردود الفعل التي صدرت على تصريحات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ل«الحياة» الجمعة الماضي عن عزمه على دفع حصة لبنان من تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، تشير الى إمكان حصول أزمة داخل الحكومة، خصوصاً أن نواباً وشخصيات من «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه العماد ميشال عون، ردوا على هذه التصريحات بالقول إن القرار في هذا الشأن لا يعود الى ميقاتي، بل الى مجلس الوزراء الذي تميل الأكثرية فيه الى الامتناع عن تسديد حصة لبنان. ومساء أمس أكد رئيس»جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط «التزام الحكومة الحالية تمويل المحكمة». وقال إن «الأدلة (في القرار الاتهامي الذي صدر عنها) تناقش لاحقاً»، في حديث الى «تلفزيون القوات اللبنانية» على الإنترنت. وأوضحت المصادر الوزارية ل «الحياة» أن استحقاق دفع حصة لبنان من تمويل المحكمة، وفقاً للقرار الدولي الرقم 1757، والتي تبلغ 49 في المئة من مصاريفها، سيطرح في تشرين الأول (اكتوبر) المقبل، عند مناقشة موازنة عام 2012 في مجلس الوزراء، والتي يفترض تضمينها المبلغ المخصص للمحكمة، وسط توقع حصول انقسام في هذا الشأن داخل الحكومة. فالأكثرية المتمثلة بوزراء «حزب الله» وحركة «أمل» (4) والوزراء المحسوبين على العماد عون (10) زائدة وزيري الحزب السوري القومي الاجتماعي (1) وممثل النائب طلال أرسلان، ستعارض تمويل المحكمة وفق المواقف المعلنة لأعضائها وهم يشكلون أكثرية النصف زائداً واحداً (16 وزيراً)، فضلاً عن أن الوزير فيصل كرامي سيراعي رفض «حزب الله» هذا التمويل أيضاً. وأشارت المصادر الى أن الوزراء المحسوبين على ميقاتي (5 إضافة إليه)، والمحسوبين على رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط (3) يقفون مع التمويل، فيما موقف رئيس الجمهورية ميشال سليمان والوزراء الثلاثة المحسوبين عليه غير محدد حتى الآن. وهذا يعني أن إحالة الأمر على مجلس الوزراء لن يمكّن ميقاتي من الوفاء بوعده في التمويل، خصوصاً أن «حزب الله» كان اقترح عليه أن يواجه الإحراج أمام المجتمع الدولي بترك عملية التصويت تأخذ مجراها وأن يصوت هو الى جانب التمويل مقابل الأكثرية التي ستصوت ضده فيظهر على أنه سعى الى إقرار التمويل لكنه لم يفلح، لأن الحزب لا يستطيع القبول بتسديد حصة لبنان من موازنة المحكمة طالما أنه يعتبرها إسرائيلية وأميركية، وفريق العماد عون أبلغ الحزب أنه سيعترض على التمويل وأنه طالب حلفاءه في «حزب الله و «أمل» بمبادلته هذا الموقف المتضامن بأن يقفوا الى جانبه في إصراره على مشروع تأهيل الكهرباء الذي تقدم به وتسبب بملاحظات من وزراء جبهة النضال وآخرين عليه، أدت الى خلافات داخل الحكومة. لكن المصادر نفسها اعتبرت أن هذا المخرج لا يلبي الوعد الذي قطعه ميقاتي علناً ولغير جهة بدفع حصة لبنان من التمويل، كرئيس للحكومة لأنه لا يجنبه الانعكاسات السلبية على وضعه السياسي أمام جمهوره. وأوضحت مصادر سياسية في الأكثرية أنه في ظل تكرار ميقاتي القول إنه سيتعامل مع الأمر في حينه، فإن هناك أفكاراً تطرح كمخرج من مأزق التصويت على التمويل في الموازنة، تقضي بتخصيص مبلغ لاحتياطي الموازنة يتصرف به ميقاتي كرئيس للحكومة، إذا بقي مصرّاً على الالتزام بتمويل المحكمة «احتراماً للقرارات الدولية» كما نصّ عليه البيان الوزاري للحكومة الذي لم يشر الى امتناع لبنان عن تمويل المحكمة، خصوصاً أنه اعتبرها أنشئت «لإحقاق الحق»، من دون أن يخصص بنداً خاصاً في الموازنة للمحكمة بالاسم، أو بتخصيص مبلغ لرئاسة الحكومة يقتطع منه ميقاتي جزءاً لحصة لبنان المتوجبة للمحكمة. أما على صعيد الخلاف الحكومي حول خطة الكهرباء فقد كرر العماد عون في خطاب له ليل أول من أمس، التهديد باللجوء الى السلبية في حال لم يتم إقرار المشروع، وقال إنه ينتظر اجتماع مجلس الوزراء في 7 الجاري، الذي يفترض أن يبت بالمشروع. على صعيد آخر، أصدر رئيس المحكمة العسكرية الدائمة في لبنان العميد نزار خليل ليل أمس الحكم في حق القيادي في «التيار الوطني الحر» العميد المتقاعد فايز كرم في جرم التواصل مع إسرائيل وعملائها، وصدر الحكم باعتباره مداناً بالتعامل مع العدو الإسرائيلي طبقاً للمادة 287 عقوبات، وقضى بسجنه مدة ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة، وتم خفض الحكم الى سنتين مع الأشغال الشاقة وتجريده من حقوقه المدنية والسياسية. وعند صدور الحكم غاب العميد كرم عن الوعي داخل القفص، ودخل النائب ناجي غاريوس إليه لمعالجته.