سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خالد ربيع : كتاب السيناريو يعتقدون أن إبراز الشخصيات الشريرة والمأزومة والمريضة، يضفي على المسلسل بعداً تشويقياً غياب الشخصية النموذجية من الدراما السعودية
عندما نتأمل الدراما المصرية أو حتى السورية . وذلك على سبيل المثال نجد أنها تقدم نماذج متباينة من الشخصيات الدرامية . فهناك الشخصية الفكاهية أو المأوزمة أو حتى الشريرة . بالاضافة الى وجود شخصيات مثالية لها عمق وحضور تخلق منها ملامح النموذج الجيد . لكن الدراما السعودية تتجه إلى رسم شخصيات نمطية .سواء على المستوى الفكاهي أو الدرامي . لذا نجد غالبية الأعمال المقدمة في هذا الإطار الدرامي تقدم شخصيات سلبية متورطة في الانفعالات الشكلانية . ولهذا نرى غياب تام لتقديم النموذج المثالي في الدراما السعودية حتى وان حضرت تلك الشخصية فهي تحضر بصورة هشة وبمساحة محدودة في العمل . لذا نجد غياب شخصيات درامية على غرار النموذج الذي قدمه محمود مرسي في رحلة ابو العلاء البشري او سميرة احمد في بعض المسلسلات المصرية. وغيرهم . وهذه التساؤلات تجعلنا نستطلع آراء العديد من الأسماء المهتمة بالدراما حيث كان السؤال هل لغياب الشخصية النموذجية في الدراما السعودية مبرر فني ..أم أنه سوء تقدير من كتاب الأعمال الدرامية في تغييب هذا النموذج ؟ خالد ربيع / ناقد سينمائي غياب الشخصية النموذجية من الدراما السعودية مؤشر على غياب الرؤية الشمولية للكتاب، وقصر نظر وإنجرار وراء ما يعتقدون بأن إبراز الشخصيات الشريرة والمأزومة والمريضة والمتخاذلة، يضفي على المسلسل بعداً تشويقياً وحتى لا يكون المسلسل (بارداً)، وهم لا يدركون أنهم بذلك يساهمون في تراجع القيم الإنسانية في المجتمع وتدني سقف الأخلاقيات .. هذا يفسر لنا اتجاه كثير من الشباب في الفترة الأخيرة لتأسيس قنوات نقدية في اليوتيوب، يقدمون من خلالها دراما مضادة تنافح الشخصيات التي ظهرت في الفضائيات العربية والخليجية على وجه الخصوص، ما يحيل بأن هناك إنهياراً خلقياً ظاهراً في المجتمعات الخليجية، وبالطبع ليست الدراما هي المسبب الأوحد ولكنها مسبب ومؤثر سلبي فاعل يدفع الى المزيد من التقهقر، وفي النهاية المسؤول هو الكاتب الخادع والمخدوع الجاهل والمتجاهل . خالد ربيع السيد الدراما التلفزيونية وسيلة مؤثرة في التنوير والتفاعل والتقمص العكسي.. لا نجد أدواراً لأم مثالية أو أب مثالي أو تاجر أو شاب أو فتاة ..الى آخره ، وهذا ينعكس على الجماهير، حسب نظرية المرسل والمستقبل، فبدون قصد تجد الأفراد وقد تقمصوا أدوار الشر في المجتمع ، بدأ من الشر والعنف اللفظي مروراً بالنوايا وما يعتمل في الدخيلة وانتهاء بالتعامل والسلوك والعكس يحدث تماماً ، فلو أن هناك دراما تعلي من الشخصيات المثالية لوُجد محرك وجداني نحو التأسي والتقليد والمحاكاة، المحاكاة الإيجابية . أمل الحامد / كاتبة سيناريو افتقار الشخصيات للعمق والملامح والهوية الخاصة بها ، من العيوب التي يشترك فيها أحدهما أو كلاهما – أي الفنان والكاتب - . سأبدأ بالكاتب الذي يقع على عاتقه جزء من المسؤولية والتي تتطلب إلمامه بتفاصيل وجزئيات شخصيته والبحث والتقصي من أجلها ، وهي نصائح حثّ عليها "سيد فيلد " في كتابه " السيناريو " ، حيث اشترط البحث وجمع المعلومات من أجل الوصول لملامح شخصيته – أياً كانت - وتحديد هويتها ، وهو أمر يتساهل فيه الكاتب ، أو يتغاضى عنه لجهله بأهميته ربما ! . أما الفنان ، فللأسف و من خلال ما نشاهده يتضح أن لديه مفهوم مغلوط عن متطلبات مهنته ، ويتجلى لنا ذلك من خلال ما نراه من أداء مفتعل ومتكلف و فاقد للعفوية ، واكتفائه ب " اللزمة " إما الحركية أو اللفظية كهوية خاصة بشخصيته ! . وهذا الأمر يجعلنا لا نبرئ الفنان من رداءة ما يُقدم ، فهذا الأداء الضعيف منه قد يقلل من جودة أي نص وإن كتب بطريقة احترافية . فالكاتب وحده يعجز عن استنهاض الفنان الجاهل بأساسيات مهنته ، كذلك الفنان المتمكن يتعسر عليه الرفع من قيمة النص الهزيل . فوزي القبوري / كاتب سيناريو في البداية دعني أختلف معك أخي طامي في مسألة الشخصية النموذجية في الدراما، لأن الكاتب أو السيناريست يبني قصته-عادة- من وحي إنساني لا ملائكي أو شيطاني تكون الشخصية إما بيضاء أو سوداء حالكة السواد ، أما مسألة تقديم شخصيات درامية متباينة في العمل فاتفق معك إلى حد ما مع ضرورة عدم جعلها في قوالب ثابتة غير متغيرة طوال العمل . إن الدراما فن مهم وهي جزء من الثقافة وإذا غابت الثقافة لدى القائمين على الأعمال الدرامية لدينا من الصعب الخروج بعمل متقن ذي قيمة فنية ، إن المشكلة الجذرية لدينا مشكلة نص وهو بدوره الذي يبنى عليه بقية المادة الفنية . لأن العمل الدرامي في النهاية هو عمل جماعي . وما نراه اليوم ليس نصوصاً درامية فنية بقدر ما هو أشبه بكتابة "المعاريض" حسب طلب المنتجين الممثلين -في الغالب - وإن ضحالة ثقافة هؤلاء تنعكس على عملهم الدرامي وعلى قيمته الفنية وهذا ما جعل الدراما لدينا تدور في حلقة مفرغة ، وقد لا نلوم هؤلاء كثيراً فهذه إمكانياتهم ومنتهى قدراتهم إضافة إلى المناخ الفني والرقابي الذي قد يحد من الإبداع وتنوع الأفكار . وأعتقد أنه من الضرورة الآن فسح المجال لكتّاب ومنتجين غير الوجوه والأسماء التي اعتدنا عليها . عباس الحايك-كاتب مسرحي الدراما السعودية أسيرة عدد من الاشكالات التي تفرز لنا صورة ركيكة من الدراما المحلية والتي لم تستطع حتى الآن إلا ما ندر مجاراة التجارب الدرامية في دول الخليج العربي على أقل تقدير، فالدراما السعودية خاصة تلك التي وجدت شهر رمضان موسما لها للخروج إلى المشاهد، انساقت وراء فكرة أن الكوميديا هي سبيل النجاح والوصول للناس، خاصة بعد نجاح طاش ما طاش على المستوى الخليجي وهو النموذج الأنقى في أجزائه الأولى للكوميديا بمعناها الأصيل، فصارت الكوميديا هي العنوان للدراما السعودية، ولكنها كلها لم تتمكن من مسايرة طاش، فقدمت شكلا تهريجيا بشخصيات مفتعلة سطحية وساذجة، لا واقعية فيها، وفيها تشويه لصورة السعودي الذي صورته هذا النوع من الدراما شخصية هزلية لا تملك وعيا ولا هدفا في الحياة كشخصيات (مناحي) و(غشمشم)، وهذا عائد لقلة وعي المشتغلين بالدراما والذين أغرتهم الميزانيات التي يدفعها التلفزيون السعودي لتعميد هذه المسلسلات دون أن يضع اشتراطات قيمة على ما يعمدّه، ولسياسة الفضائيات التي باتت تبث الغث والسمين ما دامت ثمة شركات تجارية معلنة ترعى هذا النوع من الدراما. ويمكن أن نرجع تكريس التهريج إلى غياب الفكر والثقافة من قبل كتاب السيناريو الذين لا يمكن مقارنتهم مع الكتاب العرب الذين كثيرا منهم جاء للتلفزيون من باب الأدب ممتلكين أدوات الكتابة المدعمة بالثقافة واتساع الأفق، فتأتي أعمالهم شبيهة للواقع وبشخصيات الواقع، وهذا ما تفتقده الدراما فلا شخصيات درامية متوازنة ولها صفاتها الانسانية وأبعادها الإجتماعية والمادية، التي حددتها أسس الكتابة الدرامية، وإن جسدت الدراما المحلية شخصيات مثالية فإنها تخرج ملائكية معصومة عن الخطأ، وهذا يعادل غيابها. المتفرج السعودي، يبحث عن ذاته في هذه الدراما، يبحث ما يشبهه ويشبه واقعه فيها، ولا يمكن أن يقبل أي تبرير لغياب صورته، كما تحضر صورة السوري والمصري في دراما بلديهما، فهو يبحث عن تلك الصورة الناصعة لصورة النموذج كما فعل مسلسل (باب الحارة) مثلا الذي أظهر المثالية التي دفعت بالناس لمتابعة المسلسل بحثا عن المثال وهي محفز من محفزات نجاح الدراما، فأين محفزات نجاح المسلسل السعودي وهو يحتفل بالسطحية والتهريج؟.