بلد يابلد الخرائط واسعة بقراك وترعاك عين البنك وصمت الفراغ الذي ... وغسيل الدماغ الذي ... والذي والذي .. وضيّعت العدد ! بهذه المقطوعة من قصيدة "معيوف صاحب النخلة" من مجموعة علي الشرقاوي الشعرية "مائدة القرمز" يستشهد الدكتور سعد البازعي في ندوة "الرقابة والإبداع" التي أقامها النادي الأدبي بالرياض قبل أيام، والحقيقة أن تجربة علي الشرقاوي (1948م) ينبغي التمعّن فيها، عنيت تجربته في الشعر المحكي باللهجة البحرينية، وبصرف النظر عن تجربتيه الجميلتين في المسرح وأناشيد الأطفال، أو تجربته الجميلة بالفصحى التي تخللها 15 ديواناً من عام 1975م عبر ديوانه "الرعد في مواسم القحط" إلى عام 2001م عبر ديوانه "من أوراق ابن الحوبة" وقد طبعها مابين السعودية والبحرين ولبنان، أو عبر تجربته مع الأغنية وخصوصاً أغنيته الشهيرة التي غناها خالد الشيخ: جروح قلبي وتر وينك ياعازف عود اعزف نغم للبدر يمكن تراه يعود ويشوف حال الذي من شوقه صاير عود اعزف لحن يا وفي يغسل شقا حالي خريج ماي البحر من ضربتك حالي حول اراضي العشق حلي وترحالي من ذاق طعم الهوى مهما جفا بيعود فلشاعرنا علي الشرقاوي دواوين شعرية كتبها باللهجة البحرينية فاقت ثمانية دواوين من فنون الشعر الشعبي البحريني وهي: "اصداف البحرين 1994م" "بر وبحر (مواويل) 1997م" "لولو ومحار (الجزء الأول) 1998م" "سواحل صيف 2000م" "برايح عشق 2011م" "حوار شمس الروح 2001م" "لولو ومحار (الجزء الثاني) 2002م" وجميع تلك الدواوين طبعها في البحرين، إضافة إلى اشتراكه مع زوجته الشاعرة فتحية العجلان في ديوان "أفا يافلان" عام 1983م وهي شاعرة فصيحة تكتب الشعر الشعبي باللهجة البحرينية كما فعلت بالاشتراك مع علي الشرقاوي: افا يا فلان تركت اهلي تركت اهلي وتبعتك في بحر غبّة وقلت ريلي على ريلك ولا ابغى شي في دنياي غير اسمع مواويلك عطيتك بالدجى عيني وقلت يافلان شوف بها ... في تجربة "افا يافلان" يختلف علي الشرقاوي في الكتابة عن تجاربه الشعرية كلها التي يحاول الترميز فيها والإيحاء والدلالة، ولعل الانسلاخ أو لنقل التغير في أول تجربة شعرية له هو اشتراكه مع الشاعرة فتحية العجلان التي يلاحظ القارئ عاطفتها الشعرية تنضح في كلمات كل قصيدة ومن ذلك قولها: وينك ما وحشتك عيني وحنيت ما وحشتك روحي وغنيت ما رجعك صوتي إلى الذكرى ورديت وينك ولا نسيت أنا بحبك أفيض بشوق تخشع في هواك أيامي يا لون المطر يا أجمل أحلامي تلك الأشعار التي كتبها جيل الشرقاوي والعجلان ناضجة التجربة فيها العمق والهدف، لكن من أتى بعدهما من الأجيال اللاحقة اصطدم بالتقنية والمظاهر ووو إلخ.. وكتب الشعر عن غير نضج وغير وعي، وربما ضحالة في الثقافة، واللهو بعصر السرعة، وعدم استثمار فراغ الأوقات ببناء العقل، وإنما استثماره ببناء المال! للشاعرين القديرين علي الشرقاوي وفتحية العجلان ابنة عملت في التمثيل والإعلام واشتهرت كشاعرة في الساحة الشعبية وهي الشاعرة والإعلامية في الشرقاوي، والسؤال الذي يطرح نفسه: بمن تأثرت في الشرقاوي؟ بمنهج والدها أم والدتها؟ لندع القارئ يحكم من خلال هذا النص: لبست احلى فساتيني مليت من الكحل عيني وحطيت احلى عطرن لك وكلي خوف ما تجيني وانا مرتبكة ووجلة ومشتاقه وهم خجلة واخاف تصادفك غيري مشيت دروبي لك عجلة حبيبي ظمني تكفى على اخر سما باغفى ومهما طاولتني جروح ترا كل جرح بك يشفى احبك