طبيعة المجتمع السعودي ترتكز على حب الخير وعمل الخير بكل أشكاله، حيث لا يتأخر أحد عن عمل الخير ولكن تلك الرغبة تتوقف عند التبرع بالأعضاء للمتوفى دماغيا..، المتابع لهذا النوع من العمل الخيري يجد أن ثقافة التبرع بالأعضاء ثقافة شبه غائبة وغير مرغوبة من الكثيرين، رغم أنها من الناحية الشرعية حلال بل وتمثل صدقة جارية لصاحبها المتوفى..، رغم ارتفاع نسبة المرضى المحتاجين للتبرع وتزايد الواقفين في طوابير الانتظار من بعض المرضى القابلة للعلاج بزراعة عضو سليم من متوفى دماغيا إلا أن عدد المتبرعين للأسف قليل وما زال دون المتوقع ولا يفي بالاحتياج.. اعلم أن الجهات المختصة بذلت الكثير من جهود التوعية والتثقيف بحيث تصبح ثقافة التبرع بالأعضاء جزءاً من منظومة العمل الخيري والإنساني عندنا جميعا.. أعتقد أن الأمر يستحق جهداً أكثر بحيث يتم تكثيف حملات التوعية والتثقيف ولعل مشاركة الأطباء ومن قاموا بالتبرع لغيرهم دون أن تتضرر صحتهم أو قدرتهم على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي..، بالإضافة لمشاركة من قاموا بالتبرع وهم أحياء ومازالوا يعيشون حياتهم دون تضرر وأسر من توفوا وتبرعوا بأعضائهم لإنسان محتاج وشارف على الموت ليعود بفضل الله ثم بفضل إنسانية ذوي المتوفى..، مع ضرورة استمرار التوعية بأهمية التبرع بالأعضاء في كافة المواقف والاستفادة من الخطاب الديني في نشر هذه الثقافة خاصة وأن البعض ما زال يشك في صحة التبرع من الناحية الشرعية معتقدين أن فيها جرحاً أو إهانة لكرامة الميت..، رغم أن علماء الدين أكدوا غير مرة أنها تعتبر صدقة جارية للميت.. الواقع لمن يتابعه يكشف وجود طوابير طويلة من مرضى الكلى والكبد والقلب ممن يمكن إنقاذ حياتهم بمشيئة الله من خلال التبرع لهم من المتوفين وهنا أتساءل لماذا لا يتاح للمقيمين التبرع بالأعضاء في حال الوفاة بموافقة أسرته أو موافقته هو المصدقة من الجهات المختصة قبل وفاته خاصة وأن البعض يرغب في ذلك لوجه الله وليس لأهداف مالية.. ولعل غرس ثقافة التبرع في وجدان الصغار والشباب أكثر إيجابية على المدى البعيد بحيث تكون جزءاً من ثقافة العمل الخيري عند المواطن السعودي عموما وليس البعض لأننا نحتاج أن يتزايد عدد المتبرعين مقابل زيادة عدد المرضى بأمراض يمكن إنقاذ أصحابها بمتبرع مناسب..، أعتقد صورة طفل أو طفلة ينتظرون عودة أبيهم أو أمهم بعد شفائه من مرض لا يمكن علاجه إلا بالتبرع ستكون مشهداً قوياً ومؤثراً في وجدان الكثيرين خاصة وأننا كما أسلفت مجتمع حريص على عمل الخير بكل الأشكال..