سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ولا تنفع الخيل الكرام ولا القنا ** إذا لم يكن فوق الكرام كرام
ومن هان نفسه للملأ هان قدره ** حتى تشوف الذر يسعى بغاربه
قراءة في أبيات مفردة من الشعر الشعبي والفصيح
بيت الشعر الذي يقوم بنفسه، ويفهم من دون سابقه أو لاحقه.. يحظى بالبقاء والسيرورة وربما صار شاهداً وسار في التاريخ كالأمثال.. والشعراء العرب - بالفصيح والشعبي - تكثر عندهم هذه الخاصية الجميلة، أعني اكتمال المعنى في بيت من الشعر واحد. يقول القطامي يصف نفسه: شجاع إذا ما امكنتي فرصة وإلا تكن لي فرصة فجبان فهو واقعي يقول الصحيح والوصف بالجبن هنا لمقابلة الشجاعة أول البيت، أما الوصف الحقيقي لعدم الاقدام حين لا توجد الفرصة فهو (الحكمة) التي هي (وضع الشيء في موضعه) فحتى الحرب كر وفر، والانتظار حتى تلوح الفرصة عقل، أما الاقدام حيث الهلاك فهو انتحار. *** ويقول راشد الخلاوي: وترى النصايح في البرايا فضايح كم ناصح أضحى له الناس عايبه وهذا ما أثبت صدقه علماء النفس والاجتماع والتربية فإن النصيحة في السر وبود تؤدي مفعولها وتدخل القلب. أما النصيحة على الملأ فإنها تجعل المنصوح ينحرج وينفر من المتكلم ويحس أنه فضحه وجرح كرامته ونشر عيوبه وفضح أسراره، النصيحة للمخطئ واجبة ولكن بالسر والستر والحب والحكمة والموعظة الحسنة والكلام الطيب اللين والبدء بالثناء وعد فضائل المخاطب قبل عيبه حتى ينفتح قلبه وعقله ويحس ان الناصح حريص عليه مخلص له، ويحب له الخير. *** ولاعرابي: بني ان البر شيء هين وجه طليق وكلام لين (وهين) هنا بمعنى سهل، غير مكلف، فطلاقة الوجه، والابتسام، ولين الكلام، من البر المحبوب (الكلمة الطيبة صدقة، وتبسمك في وجه أخيك صدقة) كما ورد في الحديث الشريف. *** ولشاعرنا حميدان الشويعر: النفس ان جت لمحاسبها فالدين خيار مكاسبها خير الأمور وأفضلها وأكثرها كسباً وبركة في الدنيا والآخرة. *** ومن الأبيات التي لم أعثر على قائلها: إلى سلمت رقاب العوادي من الفنا المال يفنى والعوادي تجيبه فالرجال يصنعون المال وليس العكس *** لويحان التميمي: والحنظلة لو هي على شاطئ النيل زادت مرارتها القديمه مراره فالطبع يغلب التطبع، البخيل مثلاً لا يزيده الغنى إلا بخلا.. واللئيم لا يزيده الجاه إلا لؤما.. وهكذا. *** ولأبي تمام: ولا خير في طول الجسم وعرضها إذا لم تزن طول الجسوم عقول فالمظهر الحسن مع المخبر السيئ، يمحق محقاً، والعقل هو زينة الإنسان، فإن اجتمع المظهر الجميل مع العقل فنعما هو، وإلا فإن جمال الجوهر أهم من المظهر الخداع كالسراب يحسبه الظمآن ماء. *** وللمتنبي: أعيذها نظرات منك صادقة ان تحسب الشحم في من شحمه ورم إنها دعوة (للتمييز) للفحص والتدقيق وصدق النظرة، حتى لا ينخدع الإنسان بظاهر مغر في داخله عيب مخز. *** ولمحمد العبدالله القاضي: لا تكترب يا ساهر بات مهموم ترى الفرج عند اكتراب الحزام فالفرج يأتي به الله عز وجل بعد الضيق، فإن مع العسر يسرين، وكان عمرو بن العاص يقول: (السعادة انجلاء الغمرات) فكل هم سوف يزول بإذن الله فيجد الإنسان من السعادة لزوال همه أضعاف ما وجده من الشقاء مع بقاء المشكلة. *** وللشاعر العربي: إن كان لا يغنيك ما يكفيكا فجميع ما في الأرض لا يغنيكا فالستر والأمن والكفاية والصحة نعم سابغة ومن يظل ساخطاً وهو يملكها لن يرضى أبداً، أجوع البلدان بطن الإنسان. ولمحمد بن مسلم من الأحساء: وما الوجه الا طول فتر وعرضه إلى ضاع من يعطيك وجه تعاض به انه يدعو لحفظ الكرامة وصون النفس وعدم التفكير نهائياً في أي طلب من لئيم، بل ان العاقل هو من يدبر أموره ويصون كرامته (لا عقل كالتدبير).