النصح كلمة تدور على الصفاء ونقاء السريرة وإرادة الخير للمنصوح.. وسوف أتناول النصيحة في هذا الحديث لعامة المسلمين (عامتهم).. والنصيحة من دعائم الإسلام؛ حيث قال الله سبحانه وتعالى ((والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)) سورة العصر.. فالمؤمن مرآة لأخيه المؤمن، إن رأى خيراً أعانه وحثه عليه، وإن رأى خطأ وباطلا نصحه وأرشده إلى الأمر الصحيح والصواب. وللنصيحة جملة من الآداب التي يجب مراعاتها عند تقديم النصيحة. آداب النصيحة - والناصح ينبغي أن يكون يريد بنصحه وجه الله تعالى، ثم لإصلاح أخيه المسلم، وأن لا يكون هدفه من النصح رياءً وسمعة والتقليل من شأن أخيه المسلم والنيل منه؛ بدعوى النصيحة ويكون هدفه من النصيحة هو نيل الأجر من الله سبحانه وتعالى تحقيقا لقوله {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}، وقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. - أن يلم الناصح بجوانب الموضوع الذي يريد أن ينصح عنه، ولا تقبل النصيحة من جاهل لا يعرف ما يقول أو لا يدرك جوانب الأمر المنصوح عنه. - أن تكون بأسلوب مميز وراق وأن تراعي حال المنصوح، وكما قيل (لكل مقام مقال). - وتكون النصيحة بعبارات لطيفة قريبة إلى قلب المنصوح. - وأحياناً يكون بالتعريض والتلميح بعيدا عن التصريح لتطلب الموقف أو الشخص ذلك الاختلاف الأشخاص في تقبل النصح والمصارحة أو التكبر في تلقي النصح الصريح، وكان قدوتنا -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن ينصح أحد الحاضرين يقول: ما بال أقوام يفعلون كذا، ما بال أحدكم يفعل كذا. - ومن آداب النصيحة أن تكون في السر بعيدةً عن إسماع الآخرين. كما قال الشاعر: تعمدني بنصحك في انفرادي وجنبني النصيحة في الجماعة فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه فإن خالفتني وعصيت أمري فلا تجزع إذا لم تعط طاعة - اختيار الوقت المناسب للنصيحة؛ لأن المنصوح قد لا يكون في وقت يسمح له بسماع النصيحة والتجاوب معها. قال الفضيل: المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير ؛ لأن الناصح غرضه من نصحه إزالة المنكر أو الخطأ الذي وقع فيه وليس فضحه وإشاعة عيوبه. - أن تكون النصيحة بالرفق واللين؛ حيث يقول الحق عز وجل {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}، {وَهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إلى صِرَاطِ الْحَمِيدِ)). وقال: ((وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً}، {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } فالكلمة الطيبة قريبة إلى القلب. حيث إن النصح والتوجيه باللين والرفق يأتي بثمار لا يأتي بها العنف أو التقريع أو الشدة، وقدوتنا في ذلك الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- حيث يقول «إن الله يحب الرفق في الأمر كله» رواه مسلم. ويؤخذ بالرفق واللين مالا يؤخذ بغيره. والنصيحة تتمثل في حب الشخص للناس ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه يقول الله سبحانه وتعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} سورة الذاريات. ومن آداب المنصوح تقبل النصيحة بصدر رحب والبعد عن المكابرة والإصرار على الباطل ويحذر من أن ينطبق عليه قول الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} سورة البقرة.