سبحانك ما أعدلك ... جلّ شأنك ما أحكمك .. سُننك في الكون لم تتبدّل .. وعدلك في خلقك كائن ...رأينا في حاضرنا ذات المشاهد وقرأنا التاريخ عن ذات الشخصيات.. الطغاة ..هم الطغاة .. تبدّلت أشكالهم ولم تتبدّل طبائعهم... عبر الحقب كانت لهم وحدهم الصفحات السوداء تنطق بقصص استكبارهم وعلوهم لتقودهم عُمي الأبصار والبصائر لذات المصائر من قبح الخاتمة وسوء المنقلب وكأن قدر الله المحتوم أن يطغى الظالم وتعميه قوة البطش فلا يعتبر من سيرة الطغاة حتى لا يرى تعاسة مصيره. ظهر "نيرون" إمبراطورا لروما (37 - 68ق.م) فلمّا تمكن واعتدّ بقوته وجيشه ظلم وتجبّر وقتل أمه ومعلّمه وزوجته ثم بطش بشعبه وكل من خالفه. ولم يكتف بهذا بل قاده الجنون إلى إحراق "روما" عاصمة الفن والجمال وهو يردد الأشعار ، وكان أن غَضِب الشعب وانتفض فكانت نهاية الطاغية على يد شعبه وجنده ضربا بالعصي وتقطيعا بالسيوف وهو لا يصدّق ما حوله. ويذكر التاريخ القريب قصة الطاغية "موسوليني" (1922 -1943) الذي أسس حزبه الفاشي "ذوي القمصان السود" على نمط العصابات وتحت امرته عاث الفاشيون في "إيطاليا" ولما صعد للحكم صادق طغاة عصره وحرك الجيوش الغازية فقتلت ودمّرت لتقتل في ليبيا وحدها اكثر من 200 الف شهيد بحثا عن المقاومين ثم ارتفع العدد إلى الضعف بعد إعدامه للشهيد عمر المختار. ولكن لأن لكل طاغية نهاية فقد دارت على "موسوليني" الدوائر لينتهي مشنوقا مربوطا بعقبيه ينظر إلى الأرض والجموع الغاضبة تمر وتبصق بعد أن كانت تهتف بحياة "الدوتشي". وهي ذات النهاية التي تجرّعها السفّاح "هتلر" وغيره من طغاة التاريخ منذ فرعون الذي ادعى الألوهية حتى "القذافي" الذي استبدل أحكام الله بأحكامه فزحفت عليه الجماهير الغاضبة كما بشّر نفسه وكانت نهايته مشهدا نادرا قلّ أن يكرّره التاريخ. واليوم نشهد آخر فصول مأساة نظام عربي "ثوري" اللسان "بقري" الجنان عرفه القاصي والداني بطول يد إجرامه على كل ابن وشقيق، وشلل لسانه ويده عن كل عدو. نظام جائر لا يضم سجلّ انتصاراته وممانعاته سوى إغراق جاره البلد الصغير في فتن تجاوز عمرها أربعة عقود، ومن مفاخره الكبرى قتل أكثر من50 الف إنسان من مواطنيه وتغييب عشرات الألوف منهم وراء القضبان، أما من نجا فقد آمنته الغربة والشتات ملاحقا جريحا. على مرأى من التاريخ نشهد اليوم آخر فصول مسرحية بائسه يعرضها هذا النظام فحين انتفض الشعب المقهور واحتج معه العالم كان رد فعله من نسيج مكوناته وهو التهديد بتحويل المنطقة إلى بحار دماء وبرميل بارود متفجّر. لا جديد .. هو المنطق ذاته منطق الطغاة طوال العصور ولأن سنن الله حاكمة ولأن التاريخ سيكرّر نفسه هنا فقط فلننتظر لنرى في عامنا القادم مشاهد رموز هذا النظام وهم يتسيّدون قنوات "اليوتيوب" عنوانا لحقبة ولّت ومثلا لطغاة جدد لم يستوعبوا الدرس .. لأن الطغاة وحدهم لا يعتبرون. *مسارات: قال ومضى: لا تخش قوة الظالم فهي وقود النصر للمظلوم.