برلين - يو بي أي - يسجّل الزعيم الفاشي الإيطالي الراحل بينيتو موسوليني عودة شعبية غير متوقعة في بلده، وهي ظاهرة غذّاها رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني. واللافت ان شعبية موسوليني تزيد بشكل مضطرد في إيطاليا حتى بين جمهور الشباب. وفي يناير'كانون الثاني الماضي، أصبح تطبيق "آي موسوليني" iMussolini على هواتف "آي فون" (iPhone) الذي يسمح بسماع وقراءة خطابات الزعيم الفاشي، الأشهر في إيطاليا، وأثار ذلك إدانة المجموعات اليهودية التي تتهم موسوليني بأنه أرسل آلاف اليهود إلى معسكرات الاعتقال. وأظهرت الإحصاءات ان ألف شخص يقومون بتنزيل هذا التطبيق يومياً قبل أن تسحبه شركة "آبل" من المتاجر الإيطالية في وقت سابق هذا الشهر. وتطبيق "آي فون" هو إحدى تجليّات التحسّن التدريجي لصورة الدوتشي وديكتاتوريته الفاشية التي دامت من العام 1922 حتى 1943. وتقوم السلطات بتسمية شوارع في إيطاليا بأسماء "أبطال النظام"، "الفاشيون الطيبون"، الذين باتوا نجوم الأفلام، وبات السياسيون من أحزاب رئيسية يقللون شأن من فظائعهم. وفي العام 2008، دافع رئيس بلدية روما جياني اليمانو، وهو عضو في التحالف الوطني، سلالة الموالين السياسيين لموسوليني وحلفاء هامين لبرلسكوني، عن الديكتاتورية الفاشية خلال زيارة إلى إسرائيل. وفي حزيران'يونيو الفائت، كانت وزيرة السياحة الإيطالية ميشيلا برامبيلا، وهي الخلف الممكن لبرلسكوني، قد قامت بما ترجمه كثيرون بأنه تحية فاشية خلال احتفالات تكريم للشرطة المحلية. وكان من الممكن أن تفقدها هذه التحية، لو أدتها في بلد آخر، موقعها السياسي، ولكن برامبيلا بقيت في في مركزها، علماً أن إلقاء التحية خارج عن القانون. ويقول آرام ماتيولي، وهو مدرّس تاريخ في جامعة ليوسرن بسويسرا، الذي بحث في مراجعة الفاشية بإيطاليا، إن هذه الأحداث منفصلة لكنها تعدّ "نتائج ومظاهر" لتغيّر كبير يمسك بكل مسارات المجتمع. ووصف ماتيولي في كتابه "فيفا موسوليني.. تقدير للفاشية في إيطاليا برلسكوني"، بالتفصيل كيف زرعت إيطاليا خلال السنوات ال 15 الأخيرة مراجعة تدريجية للفاشية. وقال ماتيولي ليونايتد برس إنترناشونال إن الكتاب "يركز على الفترة قبل قوانين مناهضة السامية والتحالف الحثيث مع ألمانيا هتلر النازية". وبدأت المراجعة بالبزوغ في العام 1994، مع ظهور برلسكوني كزعيم جديد. وضمت حكومة برلسكوني الجديدة، مجموعات سياسية جديدة، وموالين سياسيين لموسوليني. وقال ماتيولي إن هذه المراجعة تؤثر على إيطاليا بأكمالها، مضيفاً "أرى علاقة حثيثة بين ميول القائم بالمراجعة وداخل دولة إيطاليا الحالية، حيث الثقافة السياسية وصلت إلى نقطة متدنية"، مضيفاً أن "إيطاليا دخلت إلى مرحلة ما بعد الديمقراطية. والديمقراطية ما تزال موجودة رسمياً لكن السياسات تصبح بشكل متزايد أكثر تزمتاً". وحذر ماتيولي أيضاً من التسليح العام للمجتمع، حيث الجنود يقومون بأعمال الشرطة والمدنيون ينشؤون لجان أمن أهلية. ويدعم الشباب الإيطالي بصورة أكبر هذا التطور السياسي، فقد نشرت صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية يوم الخميس الفائت استطلاعاً أظهر أن 45% من الشباب الإيطالي يتعاطف مع الإيديولوجيات العرقية. وقد أقلقت هذه الأرقام ماتيولي، الذي لديه مشاعر عميقة تجاه إيطاليا، التي هاجر منها جده الأكبر إلى سويسرا في القرن التاسع عسر. وقال "إن على الاتحاد الأوروبي أن يراقب إيطاليا عن كثب أكثر، وأن يحاول التخفيف من التطور السلبي للبلاد".