أكثر من خمسة آلاف قتيل في بلادنا بفعل حوادث السيارات عام 1425ه، إذاً هو رقم قياسي آخر على محور الأحزان مكلل بالموت والفجائع بأشكالها التي ما فتئت تزورنا، بل أصبحت تستوطن فضاءنا فتهطل على المنازل تختارها بعشوائية لتغادرها إلى غيرها وهكذا..، السؤال: إلى متى..؟؟ وهل بقي من كلام آخر نقوله في هذه السيرة البغيضة المكرورة بلا نتيجة...؟؟ الجديد اليوم غير ذلك الرقم المخيف لأعداد المأسوف عليهم الذين دفنّاهم تحت التراب إن حوادث المرور وما ينجم عنها من إصابات وقتلى تكون على حساب البناء النفسي للمتضررين وكذلك على حساب الهيكل المعيشي لأسر المصابين وتوافقهم الشخصي والاجتماعي فضلاً عن الخسائر المادية التي تترك آثارها على مستوى أعم وأشمل وهو خطط التنمية الوطنية المتضرر الأكبر وتلك نظرة اللجنة الوطنية لسلامة المرور للحوادث في بلادنا وهي الجهة البحثية المحايدة التي تدق معنا ناقوس الخطر كل حين ومهما كانت الأسباب التي تقف خلف تلك الحوادث إلا ان آثارها العديدة على النواحي الاقتصادية والاجتماعية والنفسية قد أخذت ابعاداً خطيرة تجعل منها مشكلة وطنية تؤرق أي عاقل لضخامة تلك الآثار فهل يكفي من حلول حملة توعوية إعلامية ينساها الناس لحظة امتطاء رواحل الحديد الفارهة واغراء الطرق المفتوحة أو توصيات (كلام في كلام) لمؤتمر وطني يتبارى فيه المتحدثون بعرض الأرقام على شاشات ملونة ثم يذهب المؤتمرون لقاعات الطعام يلوكون فيها ذات العبارات (لا تسرع يابابا نحن في انتظارك) مع طعامهم الفاخر فيتفرق الجمع على موعد في مؤتمر آخر..؟؟ أم حملات ضبط فقاعية تختار المواقع الخطأ في الأماكن الخطأ هدفها الشريحة الخطأ تلك التي تخاف من ظلها..!!! أيها السادة: حين شعر المسؤولون في بعض البلدان أن مشكلة حوادث السيارات ستخرج عن السيطرة أصدروا تشريعات قد لا يتخيل الإنسان شدّتها وليس للمضطر حينها إلا ركوب الصعاب، مثل ذلك القاضي الأسترالي الذي رأى ان سائقاً بتكراره مخالفة أنظمة المرور قد يُشكّل خطراً على مستخدمي الطريق فحكم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر مع تمديد سحب رخصة قيادته الذي تكرر عدة مرات فوجدوا ان عدد سنوات منعه من القيادة ستصل إلى (1000) الف سنة..!! نعم ألف سنة مما تعدون وبمقتضى هذا الحكم فإنه لن يستطيع قيادة السيارات طوال حياته ويزيد..! أما في الأرجنتين فقد حكم القاضي على سائق حافلة صدم طفلاً وقتله عن غير عمد بمنعه من قيادة السيارات لمدة (5) سنوات والسجن لمدة سنتين هذا غير إجباره على مشاهدة عملية جراحية لأحد ضحايا المرور كجزء من عقابه وقال القاضي مبرراً حكمه «هذا تحذير قانوني مهم لمن ينتهكون قوانين النقل» واصفاً العقوبة الأخيرة بأنها إجراء تعليمي.. إذاً المحاكم هناك هي الفاعل المؤثر في ضبط قضية لا تقبل التهاون، من هذا المنطلق أصبح هناك ما يُعرف بخطط (هدف الصفر) أي أن لا تسجل أي حالة وفاة بسبب حوادث السيارات خلال عام كامل وهذا الأمر بالغ الصعوبة لكنه ممكن التحقيق. قيل ان كل مخالفة لا يعاقب عليها القانون تولّد ذرية من الأغلاط، وقد غابت لدينا العدالة في تطبيق قانون المرور وغابت بالتالي العقوبة على من يستحقها فأصبح الموت يسير سافراً في شوارعنا شاهراً سيفه لم يعترض أحد سبيله. [email protected]